Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم محمد باداود

معرض الكتاب.. واجهة حضارية

A A
كانت معارض الكتاب في الماضي أشبه ما تكون بساحة معركة تجد فيها النزال على أشدِّه بين بعض التيارات المختلفة، فالبعض يريد أن يقصي البعض الآخر أو يشوه صورة الآخر في حين تعمل بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعية على استغلال بعض التصرفات الشاذة لكلا الفريقين لتؤجج من ذلك الصراع حتى أصبح البعض ينتظر تلك المناسبة لا من أجل الاستفادة وشراء الكتب أو الاطلاع على أحدث الإصدارات والتثقف والالتقاء ببعض الشخصيات الثقافية بل من أجل متابعة مجريات ذلك الصراع.

في الأسبوع الماضي انطلقت فعاليات معرض جدة الدولي للكتاب في نسخته الخامسة وذلك بمشاركة قطاعات مختلفة ودور نشر محلية وخليجية وعربية بلغ عددها أكثر من 400 دار نشر من أكثر من 40 دولة، وذلك على مساحة تجاوزت 30 ألف م 2 وأكثر من 350 ألف عنوان، وقد راعى المعرض في هذا العام التجديد والتطوير والتنوع والإثراء بهدف نشر المعرفة وتثقيف المجتمع كما راعى التجديد ووجود أكثر من 200 مؤلف يقومون بالتوقيع على كتبهم في منصات التوقيع.

الأعداد الكبيرة للزوار التي تشهدها معارض الكتاب في السنوات الأخيرة تدل على انحسار موجة المواجهات التي كانت موجودة في الماضي كما تدل على أن هناك تطوراً في الأسلوب والفكر والتعامل مع الرأي المختلف كما تدل على عودة جادة من قبل أفراد المجتمع للكتاب وحراك واضح اتجاه الثقافة والمعرفة، خصوصاً في ظل ارتباط تلك المعارض بالتقنية والتي تساعد في معرفة ماهو موجود وماهو غير موجود كما تساهم في معرفة الأسعار وغيرها من المعلومات المرتبطة بزيارة المعرض مما ساهم في أن يتجاوز عدد الزوار في المعارض السابقة 2,2 مليون زائر كما وصل أعداد دور النشر 1,8 ألف دار نشر وأكثر من 50 دولة .

معرض الكتاب بجدة أصبح تظاهرة سنوية وفعالية من أكبر الفعاليات الثقافية في المملكة، خصوصاً أن دوره تجاوز بيع وشراء الكتب إذ يتصمن أكثر من 50 فعالية وبرنامجاً ثقافياً وورشة عمل وندوات ومحاضرات ومسرحيات ليصبح مهرجاناً ثقافياً يلتقي فيه جميع أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم سواء كانوا مثقفين أو مسؤولين أو طلاباً أو أولياء أمور فالكل يأتي ليستفيد ويطلع ويتثقف.

معارض الكتاب في كل دول العالم هي واجهة حضارية ودعوة للتعرف على الثقافة والتنوع الفكري في إطار التسامح والتعامل الراقي، وعبر العصور نجد بأن المثقفين هم الذين يساهمون بشكل كبير في بناء الحضارات وتطوير الأمم، وهذا ما أكدت عليه رؤية المملكة 2030 في نشر الثقافة والعلوم في إطار الأسس والأنظمة والثوابت الشرعية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store