Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

هل يتوقف محمد عبده؟!

A A
· أياً كان رأيك في (محمد عبده) الفنان والموسيقار، فلابد أن تعترف لهذا الرمز الثقافي الكبير بالعبقرية والريادة والإبداع. فهو ليس أحد أهم الرموز الفنية السعودية فحسب، بل واحد من أهم أيقوناتها الثقافية على مر التاريخ، فقد حمل مشعل الأغنية والكلمة السعودية في كل المحافل العربية والعالمية منذ العام 1961م، وتطور كمبدع مع تطور هذه البلاد، مواكباً لنهضتها ومساهماً في كل مناسباتها الوطنية والإنسانية منذ ذلك الوقت وحتى اليوم.

· تكمن قيمة محمد عبده الفنية في استمراريته الناجحة لأكثر من ستين عاماً، طوّر خلالها الأغنية السعودية بشكل لم يستطع أحد من مجايليه أن يفعله، وشكَّل خلال هذه العقود الستة (لوناً) فنياً خاصاً به؛ أصبح يمثل ذائقة معظم السعوديين وعرب الجزيرة، ساعدته في هذا موهبة فذة في التلحين وثقافة فنية عالية تبدو واضحة في ذكائه المهني، رغم تعثراته (اللغوية) في بعض حواراته.. أما قيمته الوطنية فليست فقط في أغنياته الوطنية التي صاحبت كل مناسبات الوطن وعبَّرت عنها، بل ظهرت أيضاً في ريادته عربياً، ففي الوقت الذي كنا فيه مستغرقين في (إقليمية) الأغنية الشعبية البسيطة ذات (التيمة) الموسيقية الواحدة، كان محمد عبدة يفتح بموسيقاه الجميلة فضاءات عربية جديدة في الأغنية ذات المذهب و (الكوبليهات) المتعددة؛ بل وحتى المقدمة الموسيقية (الرسايل 1974) (ردي سلامي ١٩٧٨)، وغيرها من الإبداعات الموسيقية التي دانت لها آذان العرب من محيطهم إلى خليجهم، لافتاً نظر العالم الى لون جديد من الموسيقى السعودية ذات الشخصية المتفردة شعراً وغناءً، متقدماً على أنواع الثقافات والفنون السعودية الأخرى مثل الفيلم، المسرح، وحتى الرواية التي لم تصل الى ربع ما وصلت اليه الأغنية السعودية.

· ليس موضوعي اليوم تمجيد محمد عبده حتى وإن كان يستحق.. ما دعاني لكتابة هذه النبذة الطويلة عن فناننا الكبير هو حاله اليوم، فمن يعرف قيمة هذا الفنان لا يقبل بظهوره المحزن والمسيء لتاريخ طويل من الإبداع والريادة والكفاح والتميز والالتزام.. فمحمد عبده اليوم يقتات على تاريخه الطويل، والفنان الأنموذج الذي كان يغني (على المسطرة) يغني اليوم (خارج التون)، والصوت الذي جمع السعوديين (فوق هام السحب) تبدو عليه شروخ الوهن واضحة جلية وهذا ما يجب أن يعترف به محمد عبده، ويحترمه.

· محمد عبده قيمة ثقافية وفنية كبيرة لا يوازيها في الإبداع والالتزام والاحترام إلا (عبدالوهاب) في مصر، وإذا كان ذكاء (عبدالوهاب) قاده منذ العام 1963 لاعتزال الغناء وهو في قمة نضجه الفني؛ والاكتفاء بالتلحين احتراماً لتاريخه، فأرجو أن لا يفوت على ذكاء محمد عبده أن يفعل مثله، ويتوقف احتراماً لمسيرته الطويلة، خصوصاً وأنه قد سبق له القول في لقاء تلفزيوني شهير في الثمانينيات: «إن على فنانينا الكبار مثل طلال مداح وطارق عبدالحكيم الاعتزال احتراماً لتاريخهم».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store