Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أسامة حمزة عجلان

أموات مستأنسون وأموات مستوحشون

A A
لم يرد عن الرسول المجتبى صلى الله عليه وسلم منعٌ للرجال من زيارة القبور، وورد عنه صلى الله عليه وسلم منعٌ للنساء ووعيد ثم سمح لهن صلى الله عليه وسلم بالزيارة، فقد قال صلى الله عليه وسلم في المنع «لعن الله زوارات القبور» ثم ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة»، ولأنه لم يرد منع للرجال والمنع كان للنساء فإذاً حديث السماح بعد النهي يخصهن فلهن زيارة القبور والميت يستأنس بزيارة قبره والدعاء له ولا يشترط استقبال القبلة في الدعاء الا بعد الدفن مباشرة وأما في الزيارات المتكررة فليس شرط استقبالها وقد قال بعدم وجوب استقبال القبلة حال الزيارة فضيلة الشيخ محمد مختار الشنقيطي عضو هيئة كبار العلماء.

وقد قال «إن زيارة قبر الوالدين والأحباب والإخوان والأصحاب من البر وخاصة للوالدين فإنها من بر البر وبعد وفاة الوالدين وبرهما بالزيارة والصدقة والدعاء لهو أبر من برهما أحياء لأنه في حال حياتهما قد يكون من باب المجاملة أو الخوف او ما كان ولكن بعد الوفاة البر أصدق وأنقى سريرة».

وللعلم من كان والداه مدفونين خارج مدينة مسكنه ويشد الرحال لزيارة قبريهما لهو أبر لما في ذلك من كلفة ومشقة ولا يوجد دليل شرعي في منع شد الرحال لزيارة الأموات في قبورهم وأما حديث منع شد الرحال إلا لثلاثة مساجد فالمنع في شد الرحال المقصود فيه شد الرحال مع نية أو توخي زيادة أجر الصلاة ومن يفقه اللغة العربية ويعرف قواعدها يدرك أن هناك في الحديث مستثنى ألا وهي المساجد الثلاثة ومستثنى منه وهو جنس المساجد لأنه لو عمم المنع لمنع السفر والترحال نهائياً، ويوضح سبب المنع وأنه شد الرحال مع نية زيادة أجر الصلاة الحديث القائل فيه صلى الله عليه وسلم : «فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي هذا ألف صلاة وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة».

ومن الغريب والعجيب من البعض المتشدد أنه يمنع شد الرحال حتى لزيارة الحبيب صلى الله عليه وسلم «وهو حي في قبره صلوات ربي عليه» ويجعلونه تابعاً لشد الرحال لزيارة المسجد وطلب زيادة أجر الصلاة فيه، ورحم الله الشيخ الشعراوي حينما أراد شد الرحال وهو في مكة المكرمة لزيارة الحبيب صلى الله عليه وسلم قيل له: قل أشد الرحال لزيارة المسجد النبوي والصلاة فيه فقال: «وهل أنا تارك مئة ألف بألف؟، إني شاد رحالي لزيارة الحبيب صلى الله عليه وسلم». فنعم ما قال ونعم ما فعل كتب الله له أجر الزيارة ولا حرمنا رب العباد منها.

ولم أجد كما أعلنت وكتبت من قبل أشد استئناساً من الأموات من استئناس أموات بقيع الغرقد مدفن أهل المدينة فقد أسميتهم الأموات المستأنسين فهم بجوار الحبيب صلى الله عليه وسلم وشملهم دعاؤه صلوات ربي وسلامه عليه لأنه دعا لأهل البقيع الأولين والآخرين وبجانبهم صحابة الحبيب صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام رضي الله عنهم أجمعين وقبورهم معروفة بالتواتر ولو أنكر معرفتها من أنكر، والزيارة لا تنقطع عنهم من قبل المسلمين، جعلنا الله من ضمن أهل البقيع بعد عمر في طاعته وحسن ختام.

لذا أطالب من هنا الأمانات في بلادنا الحبيبة بفتح أبواب المقابر يوميا في ساعات معينة مثلاً من بعد الظهر الى المغرب للزائرين لأن عليها أسواراً كالسجون وهي موحشة من قلة الارتياد والزيارة ولا أعلم أخوفٌ من هروب الأموات أم خوف من اعتداء الاحياء على الأموات؟

. لقد زال عصر عبادة القبور وحبذا لو تكون أسوارها شبكاً من حديد ليتسنى للزائرين الزيارة منها متى ما أرادوا ليلاً أو نهاراً فدعوا الأموات يستأنسون فسوف تكونون معهم ومنهم يوماً من الايام وللعلم كم من أموات يشتاقون لزيارة أبنائهم وأقاربهم وأحبابهم ومستوحشون من قلة الزيارة وكذلك مقابر تفتقد زيارة الأحياء والدعاء لمن فيها والأحياء في غفلة من ذلك أو تحفظاً من الأحياء من ارتياد القبور ليس له تبرير بل هو من الجفاء وقلة الرضا والبر خاصة للوالدين .

وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجراً من أحد سواه

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store