Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

إيران بين بركانين!

A A
لا أعرف ما الذي حصده نظام الملالي في إيران من حشد الكراهية في العالم، فهو لم يتوقف لحظة للتعرف على مشكلات الداخل، لانشغاله الدائم بزرع خلاياه في دول الجوار، وإنتاج الأسلحة المحظورة التي جعلته محاصراً اقتصادياً سنوات طويلة ضج فيه الداخل من الإهمال والفقر والحاجة، ومع ذلك لم يتوقف بل استمر هذا النظام القمعي في ممارساته العدوانية ضد الداخل والخارج.

والآن يشتعل الداخل بالغضب، بعد خروج محتجين من جامعتي شهيد بهيشتي وجامعة علامة تاباتاباي الأحد 12 يناير 2020م، منددين بطريقة تعامل المسؤولين مع أزمة الطائرة الأوكرانية التابعة لشركة انترناشونال إيرلاينز الأوكرانية، والتي تم إسقاطها الأربعاء الماضي خارج طهران، من قبل الحرس الثوري «بالخطأ» وعلى متنها «176» راكباً، وقد كثف المحتجون الإيرانيون مطالبهم بتنحي كبار المسؤولين بعد حادثة إسقاط الطائرة الذي تزامن مع توجيه ضربات صاروخية إيرانية إلى قاعدتي عين الأسد وقاعدة أربيل، بعدما قامت أمريكا باغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني.

تقف إيران اليوم على فوهة بركانين من الغضب، غضب الداخل الذي ترجم إلى احتجاجات طلابية، وغضب أمريكا، ربما المدهش في الأمر هي الهتافات التي أطلقها المحتجون والتي تؤكد وعي المجتمع الإيراني بالأكاذيب التي يطلقها الملالي، فالهتافات تقول: «يكذبون ويقولون عدونا أمريكا... عدونا هنا»

هذا الوعي بالأكاذيب التي يطلقها الملالي على الشعب الإيراني ليس جديداً بل قديماً جداً ترجمته الكاتبة شيرين عبادي الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، نظير كفاحها للدفاع عن حقوق الإنسان داخل إيران، في كتابها «إيران تستيقظ»، بدأت عملها قاضية في عهد الشاه، وفي عهدهم مُنعت من القضاء، فمارست المحاماة وخلال بحثها عن ملفات جرائم القتل التي تواطأت فيها الحكومة وقضت على حياة العشرات من المثقفين، وخنق بعض من كان خارج إيران يهتم بشؤونه، وآخرون قُطّعوا إرباً في بيوتهم، كما تقول عبادي في مقدمة كتابها (إيران تستيقظ) مذكرات الثورة والأمل. تستيقظ من الحلم الذي عاشته خلال الثورة، بعد أن وجد الشعب نفسه في كابوس وليل طويل ليس له آخر.

تقول:» في خريف عام 2000م أي بعد حوالي عقد من بداية عملي القانوني في الدفاع عن ضحايا العنف في محاكم إيران، عشت عشرة أيام هي الأشد هولاً في حياتي المهنية برمتها؛ أوضاع الأطفال الذين يتعرضون للضرب، والنساء اللاتي يصبحن رهائن زيجات مفروضة، والسجناء السياسيين، يضعني في احتكاك يومي مع القسوة البشرية».

كان الأمل يحدوهم أيام الثورة أن إيران تستيقظ لتنهض، لكنهم صدموا بالأحداث المتلاحقة، التي وضعتهم أمام حقيقة قاسية، لم تُدرك إلا بعد أن نفذ السهم من القوس، وأصبحت إيران تحت حكم الملالي، تمارس كل أنواع العنف.

خصصت عبادي فصلاً في كتابها بعنوان (الارهاب والجمهورية) تسرد في مقدمته وقائع عملية تصفية حوالي عشرين روائياً وشاعراً ايرانياً كانوا في طريقهم الى أرمينيا للمشاركة في مؤتمر أدبي عبر الطريق البري تنقلهم حافلة عبر الجبال التي تعصف بها الريح من شمال إيران إلى المقاطعة الغربية في البلاد، عند الثانية ليلاً والركاب يغطُّون في النوم أوقف السائق الشاحنة على جانب الطريق وقفز خارجاً، وترك المكابح غير مسحوبة تنبه أحد الركاب فنادى على السائق، لم يستسلم السائق بعد فشل المحاولة الأولى لقتل الركاب، استيقظوا بعدها والحافلة تندفع الى حافة منحدر، ومع اقتراب الحافلة من شفير الوادي فتح السائق الباب وقفز خارجاً، اندفع أحد الكتاب كان في المقدمة وأوقف الحافلة، بينما أحد إطاراتها قد أصبح خارج الطريق «فهل ينجو المحتجون أم أن إيران تحترق بين براكين الغضب؟!».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store