Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز معتوق حسنين

الطبيب «النطاس» عربية فصحى

A A
كنت أتجول بين أوراقي القديمة في مكتبتي في منزلي وإذا بي أرى برقية مطبوعة على أوراق البرقيات قبل حوالي أربعة عقود من الزمن تاريخها 15/8/1402هـ الموافق 6/6/1982م جاء نصها:

«صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران المدني والمفتش العام - الرياض

إلحاقًا لبرقيتي المؤرخة في 14/8/1402هـ المتضمنة شكري وتقديري لسموكم على ما لقيته بمستشفى القوات المسلحة بجدة غير أنه فاتني أن أشيد أيضًا بمجهودات الدكتور «النطاس» السعودي البارع عبدالعزيز معتوق أحمد حسنين أكثر الله من أمثاله، فلقد كان لدوره الكبير بعد فضل الله الكثير في تخفيف ما كنت أعاني منه.

وفقكم الله ورجالكم المخلصين ممثلين بالدكتور «النطاس» عبدالعزيز حسنين في خدمة الوطن والمواطنين.

توقيع/ عبداللطيف جميل»

وجدير بالذكر الأسبوع الماضي ولأول مرة زرت مركزًا مخصصًا للتأهيل، فذهلت بما رأيت من دقة وتطور وأجهزة التأهيل على مستوى القرن الواحد والعشرين فالحمد لله على نعمة هذا البلد الغالي الأمين والآمن.

كلمة استُعملت في تلك البرقية وهي «النطاس» للأسف الشديد قليل من جيل اليوم الذين يعرفون معنى كلمة «النطاس»، وهي كلمة عربية فصحى تعني الكثير من ضمنها «الماهر»، «البارع»، «الجدير».. إلخ.

نطس.. «عالِم نطس» مدقق فِي الأمورِ، بعِيد النظرِ.. ويقَال أَيضًا نطس، نطِسٌ.. نطسا: أدق النظر في الأمور واستقصاها.. يقال: فلان يتنطس في ملبسه ومأْكله: يتأنق فيه.. وهو يتنطس في كلامه.. ويقال: تنطسَ من مؤاكلة فلان.. والطبيب الخاذِق.. المدقّق في علم الطب.. طبيبًا وأديبًا، ومن هنا فهمت لغز دقته في الكتابة وتبدى لي أنه يكتب وصفات من نوع خاص، هي وصفات هربت من سرير الكشف الطبي لتمتهن سرير اللغة الكاشفة ومن ثم الواصفة للحالة تشخيصًا وتوصيفًا، ذاك هو جاسر الحربش سليل ابن سينا نطاسيًا في مهنته وفي قلمه.. هكذا كان الطبيب «النطاس» ابن سينا.

الجدير بالذكر أن ابن سينا لم يكن يتكسب بعلاج البشر، وإنما كان يقوم بكل ذلك من عظيم حبه لعمل الخير حيث كان يقوم بعلاج الناس دون مقابل، ولعل أهم ما قام به ابن سينا هو علاجه للأمير نوح، الذي فشل كل الأطباء في ذلك الوقت في علاجه بينما استطاع ابن سينا ايجاد العلاج المناسب له، الأمر الذي دفع الأمراء إلى أن يفتحوا له أبواب مكاتبهم لينهل العلم الغزير منها وهو في سن الثامنة عشرة.

إلى يومنا هذا في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة تجد في دور العيادات في المبنى القديم على الحائط لوحة ضخمة من خشب تمثل افتتاح المؤسس الملك عبدالعزيز لقصر الرياض هدية من الشيخ عبداللطيف جميل إلى الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمهم الله جميعًا..

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store