Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

ثلاثة أحداث كبرى في أسبوع..!

A A
سيذكر التاريخ أن الأسبوع الأخير من شهر يناير 2020م تميز بثلاثة أحداث كبرى ستكون نتائجها حاسمة لمستقبل أمور كثيرة في العقود القادمة في السياسة الجيوإستراتيجية.

الحدث الأول: محاكمة الرئيس الأمريكي الذي يحاول أقصى جهوده لصرف الأنظار عما يدور في قاعة المحاكمة في الكونغرس بين محاميه وبين ممثلي الحزب الديموقراطي... ولطلاب القانون من ناحية أخرى فإن تلك المداولات تُعد أحسن تدريب في بلاغة اللغة الإنجليزية والحجية القانونية في أداء يُشكل مباراة رفيعة المستوى في دقة اختيار الكلمات والأداء البارع من نخبة المحامين والمستشارين الذين وقع عليهم الاختيار للقيام بذلك الدور الجسيم.. ومع أن النتائج شبه محسومة لصالح ترامب بحكم وجود الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الذين من المؤكد أنهم لن يصوتوا مع إزاحة الرئيس ترامب وإن حصل ذلك فإن الولايات المتحدة ستدخل في أزمة مزدوجة في الداخل حيث الرأي العام منقسم وكذلك الحال مع شركائها في العالم بسبب سياسة الإدارة الحالية الخارجية.

الحدث الثاني: إعلان ترامب صفقة القرن التي تحدَّث عنها كثيرًا وأعدَّ لها واختار التوقيت الذي يتزامن مع محاكمة إزاحته من الرئاسة في مجلس الشيوخ.. الصفقة غير موفقة وغير موضوعية وغير قانونية لأنها من طرف واحد وتلبي كل أطماع نتنياهو شريك ترامب المطلوب قضائيًا في إسرائيل بسبب الفساد ومقدم على انتخابات للمرة الثالثة وتوقيت الإعلان بمثابة سنارة نجاة للطرفين.. ترامب ونتنياهو.

الشعب الفلسطيني رفض الصفقة وأدانها والدول العربية مع الموقف الفلسطيني والجامعة العربية منعقدة لبلورة موقف عربي موحد.. وأمام الفلسطينيين مهمة كبيرة لإعداد الرد وأخذ كل الاحتياطات المطلوبة لما سُيطرح من دفاع للحفاظ على وجودهم والتمسك بالمواثيق الدولية وكل ما صدر من قرارات وتأكيدات من مجلس الأمن والأمم المتحدة من بداية الصراع كما طُرح في المبادرة العربية التي قدمتها المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- وأصبحت تلك المبادرة عربية بالإجماع ولكن إسرائيل رفضتها بدعم من أمريكا.

الحدث الثالث: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد 47 عامًا منذ انضمامها -بعد ترددها في أن تكون دولة مؤسسة للاتحاد- تكللت فترة عضويتها بتجاذبات وخلافات منها رفض العملة الموحدة وتأشيرة الشنقن أدت في النهاية إلى استفتاء بريطاني أيَّد الخروج بأغلبية متواضعة ولم يكن ذلك حاسمًا إلا بعد نجاح بول جونسون في الانتخابات الأخيرة بأغلبية ساحقة مكَّنته من الحصول على تأييد حزبه بالخروج.. وفي الدقائق الأخيرة من شهر يناير طُوي علم بريطانيا العظمى من السارية في مقر الاتحاد الأوروبي وكذلك الحال لعلم الاتحاد الأوروبي في لندن لتخرج بريطانيا رسميًا وتبدأ مرحلة المفاوضات لترتيب العلاقات مع جيرانها عبر بحر المانش في مجال التجارة وتنقُّل الأشخاص.

هذه الأحداث الثلاثة الأهم في أسبوع ألقت بظلالها على أحداث عالمية أخرى مثل النووي الإيراني وأزمة المناخ والتجارة العالمية والهجرة والحروب الأهلية... ولكن وجود الأزمات الكبيرة يقلل من أهمية التركيز على ما تتطلبه تلك الأزمات -الاقل في سلَّم الأولويات- من الوقت والجهود السياسية والدعم المادي.

والسؤال هل تؤدي تلك الأزمات إلى مزيد من التصعيد في السياسة الدولية ومزيد من الحروب والانقسامات بسبب انعدام رؤى قيادية لدى الدول الكبرى تستجيب لواقع السياسة العالمية في الوقت الراهن وغياب التوافق لمساعدة الدول التي تعاني من حروب أهلية واضطرابات وأزمات إنسانية في ظل تداعيات الفوضى والصراعات التي تدور رحاها في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط؟

والكلمة الأخيرة لمواجهة صفقة القرن الخيار المحرج لإسرائيل العودة لاقتراح ادوارد سعيد.. دولة واحدة للجميع على أرض فلسطين تتحمل إدارة الاحتلال مسؤولياتها بموجب قانون حقوق الإنسان والممارسات الدولية..!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store