Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

كيف وصلت إلى هنا؟!

A A
ربما لم يخطر في بال جبران باسيل وزير الخارجية اللبناني السابق وهو يستعرض حضوره في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الخميس 23 يناير 2020م، أنه سيواجه سؤالاً محرجاً على الملأ من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، رغم أن وجوده في مثل هذا الحدث في ظل ما يحدث في لبنان من ثورة شعبية ضد الأحوال الاقتصادية المتردية ورغم المظاهرات التي بدأت مبهجة مشرقة بروح اللبنانيين التي تعشق الحياة في لبنان ثم تحولت إلى قاتمة ملطخة بدماء الأبرياء، هو الذي يثير كل أسئلة الشك والاتهام التي دار حولها سؤال سيغريد كاغ، وحار ودار باسيل في إيجاد مخرج من تلك «الزنقة» التي لا تشبه «زنقة الستات»، وهو أحد الأسواق العربية القديمة في مدينة الإسكندرية، زنقة باسيل، فضيحة وإدانة صريحة على الفساد، لأنه للأسف لم يجد مخرجاً آمناً بل سقط في «الحفرة « التي ربما كان يتفادى الوقوع فيها.

السؤال بسيط ويمكن أن يواجه أي إنسان في ترحاله؛ «كيف وصلت إلى هنا؟»، لكن لأنه كان مسؤولاً في الحكومة المستقيلة، في ظل الظروف الاقتصادية في لبنان، وهبوط الليرة، وتعامل المصارف اللبنانية مع المواطن اللبناني، وتقنين الصرف «100 دولار» في الأسبوع، وشظف العيش الذي يعيشه المواطن اللبناني حد اليأس من الحياة ذاتها، لذلك أثار كل ذلك الضجيج وأحدث ارتباكاً وإرباكاً للمسؤول الذي ينطبق عليه المثل «خربها وقعد على تلها»، فالبلد يعاني من تدني الاقتصاد، بينما يحضر المسؤول منتدى الاقتصاد حتى لو كان خارج الوزارة لكنه أحد المسؤولين عما آلت عليه الأوضاع في بلده، لذلك توالدت الأسئلة من رحم الأزمة التي يعيشها اللبنانيون؛ «هل أتيت على متن طائرة خاصة؟»، لكن جواب باسيل لم يكن مقنعاً حتى لذاته، لأن امتلاك مسؤول كان قبل أيام في الحكومة لطائرة خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية في بيروت، بداية من أزمة النفايات في الشوارع، حتى تحولت إلى «نهر من النفايات»، كما أطلق عليها في ذلك الوقت، وعجزت الحكومة التي كان باسيل أحد أركانها عن مواجهة أزمة «القمامة» في 2015م، رافقها حركة احتجاجات، ضد عجز الحكومة عن توفير الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء التي أصبحت لا تفي احتياجات البلاد!، ازداد تفاقم أزمات الشعب اللبناني مع اندلاع الحرائق في 15 أكتوبر 2019م، وأتت النيران على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وسقوط قتلى.

باسيل الذي أحدث عدداً من الأزمات السياسية والاقتصادية أدت إلى وصول الأوضاع الاقتصادية والسياسية إلى الأوضاع الخطيرة التي عاشها اللبنانيون بكل طوائفهم الدينية وأحزابهم السياسية، عجز عن مواجهة السؤال حول وسيلة وصوله إلى دافوس، فأراد أن يوجه أصابع الاتهام إلى الشائعات والأكاذيب، التي تتهم بعض عناصر الحكومة بالفساد، مؤكداً بأنه جاء على حسابه، ولم يصرف من خزينة الدولة، «يكاد المريب أن يقول خذونى!»

، ثم عاد وادعى بأنه جاء بدعوة، عندما سألته كاغ: «هل هذا يعني أن هذه من أموال الأسرة؟»، تقصد الطائرة الخاصة، التي ادعى أنه جاء بها إلى المنتدى الاقتصادي، وهي التي استنكرت هذا الحضور ووصفته بعدم القبول في ظل ما يحدث في لبنان.

صحيح أن ما واجهه جبران باسيل في دافوس شأن يخص اللبنانيين، لكنه يمثل نموذجاً لكثير من المسؤولين العرب الذين يظهرون في المناسبات الداخلية أو الخارجية بكامل الأبهة والبهاء بينما أوطانهم تعاني ومواطنوهم تحت خط الفقر، بينما تجرأت المنسقة الغربية من طرح تلك الأسئلة المحرجة على المسؤول العربي، يصاب المواطن العربي بالصمت في مواجهة مثل هذا السلوك المشين للمسؤول!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store