Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

احذروا من الجوالات في أيدي الخادمات

A A
دار جدل بيني وبين إحدى المسؤولات في أحد مكاتب الاستقدام في الرياض حول متطلبات استقدام الخادمات الفلبينيات تحديداً، وفاجأتني بأن أول اشتراط لهم أن يكون في يد الخادمة هاتف ذكي مثل آيفون أو سامسونج لتتمكن من التواصل مع أهلها وأسرتها، وذلك قبل اشتراط دفع الرواتب في مواعيدها أو تحديد ساعات العمل وغير ذلك. ووجدتها فرصة لأقول لتلك المسؤولة إنني من واقع زياراتي للفلبين في مناطق مختلفة خلال عملي في هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، رأيت رؤية العين عدم وجود ماء أو كهرباء في كثير من المناطق التي زرتها -ولا أتحدث عن مانيلا- حتى أن السكان يعانون الويلات من شدة الحر والرطوبة وليس لديهم إلا مراوح القش التي كنا نستخدمها قبل عشرات السنين. كما لا توجد إمدادات للمياه في منازلهم، ما يضطرهم للسير لعدة كيلومترات لجلب الماء بالعبوات البلاستيكية أو (الجالونات)، وبالطبع لا توجد لديهم خدمة الهاتف الثابت أو الجوال أصلاً. فلمَ يشترطون علينا أن نوفِّر لهم هذه الجوالات المتطورة المكلفة؟. ولم أجد لديها جواباً بالطبع، وهو ما ناقشته كذلك في قنصليتهم في جدة، ولم أحصل على جواب أيضاً. وموضوع الجوالات في أيدي الخادمات ذو شجون، فكم سمعنا عن خادمات يصوِّرن البيوت التي يعملن فيها، والأدهى والأمر أنهن يصوِّرن ربة المنزل أو بناتها، وقد ينشرن هذه الصور في وسائل التواصل وغيرها. ذلك جانب من جوانب خطورة الجوالات في أيدي الخادمات. والجانب الآخر الأدهى والأمر، أن الجوالات تتيح لهن إنشاء العلاقات المشبوهة مع أشخاص آخرين وخصوصاً السائقين: الذين نتمنى أن نستغني عنهم أو عن معظمهم بعد أن تتمكن معظم أخواتنا وبناتنا من قيادة السيارات بأنفسهن ويوفرن بذلك المال ويبعدن عن المجتمع الكثير من الشرور والآثام. ووجود الجوالات في أيدي الخادمات أدى في حالات كثيرة معروفة إلى الاشتراك مع السائقين أو غيرهم في جرائم أخلاقية مروِّعة داخل البيوت وخارجها، إذ تعلم كل خادمة مواعيد عمل كفيلها أو زوجته، ومواعيد مدارس الأبناء، ويمكن لها بكل سهولة أن ترتب لقاءات فسق وفجور داخل المنزل عن طريق الاتصال بالجوال بمن تريد، وأعلم عن حالات كثيرة في هذا الشأن، وبعضها لا يزال منظوراً في المحاكم، كما يمكن أن ترتب الخادمة عمليات سطو وسرقة، فهي تعلم أماكن ما خفَّ وزنه وغلا ثمنه من مجوهرات أو سواها، وسمعت عن جرائم تصل الى حد سرقة الخِزن الحديدية الكاملة من المنازل بالتعاون مع بعض السائقين أو المجرمين عموماً وأهون الشرور: انشغال الخادمة بالجوال طوال الليل وما يتضمنه من مقاطع كثير منها بذيء ومخلٌ بالأخلاقيات وعليه تصاب بالتكاسل ولا تقوم بعملها كما يجب. والحل في ظني لكل تلك المشكلات يكمن في تقنين استخدام الخادمات للجوالات بطرق مختلفة، منها أن تستخدم الخادمة الجوال مرة أو مرتين في الأسبوع للتواصل مع أبنائها أو ذويها، وهذا يكفي في تقديري، وأن يكون ذلك على مرأى من ربة المنزل، حتى لو كان في زاوية بعيدة عنها، ثم تأخذ منها الجهاز، وتعيده لها وقت حاجتها إليه. ومن الحلول أن تكون جوالات الخادمات جوالات عادية وليست جوالات ذكية، والغرض هو التحدث لذويها، والجوالات العادية تؤدي هذا الغرض، ويمكن لكل ذلك أن يكتب في العقود باتفاق الطرفين. وأعتقد جازماً أنه طالما بقي الحبل على الغارب، وبقيت الجوالات في أيدي الخادمات دون رقيب أو حسيب فإن الجرائم الأخلاقية والسرقات وغيرها ستزيد وتستشري في مجتمعنا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store