Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

مذابح إدارية!

A A
· هل لاحظت أن كثيراً من المصطلحات والمفاهيم الإدارية تفقد معناها الأساسي لدينا، وأنها قد تتحول في بعض الأحيان الى نقيض المعنى الأساسي لها؟!، هذا يحدث بسبب عاداتنا الإدارية (المبروكة) وبسبب عقلياتنا العربية التي تقوم على مفهوم المصلحة الشخصية (أنا ومن بعدي الطوفان) ولا نبرئ هنا بعض مفاهيمنا المجتمعية المغلوطة التي مازالت تتمحور حول مفهوم (المغالبة) ونبذ المخالف، واعتباره عدواً يجب الخلاص منه.

· خذ مثلاً مفهوم (فريق العمل) الذي يعتبر أحد أهم المفاهيم الإدارية العالمية قدرةً على الإنجاز؛ وتحويل الإدارات والمنظمات الى كتل مشتعلة من الحركة والألفة والنشاط المتوج بالنجاح، هذا المفهوم تحول في بعض إداراتنا إلى (ثغرة) و (فرصة) سانحة أمام بعض القادة لتهميش ونبذ المخالف، و (مذبح إداري) للتخلص ممن لا يتفقون معهم في وجهات النظر، ففي المنظمات الناجحة يفهم القادة مصطلح (الفريق) على أنه يشمل جميع العاملين بالمنظمة، من أعلاهم الى أقلهم، لا استثناء لأحد ولا غنى عن أحد.. وتصبح المهمة الأكبر للقائد هي قدرته على احتضان الجميع؛ وتحويلهم الى تروس عاملة بجد ونشاط وتجانس لتحقيق أهداف المنظمة، بحيث يشعر الجميع -أياً كان مركزه ودوره- بأهميته وبتأثيره وبقيمته في المنظمة.. لكن ما يحدث في العديد من منظماتنا هو العكس للأسف، بدءاً من القائد الذي يعتقد -بحسن أو بسوء نية- ان مفهوم (الفريق) يعني الانتخاب العاطفي أو المصلحي لفريقه الخاص، ولا مانع من تعطيل بقية أفراد المنظمة في سبيل هذا الفريق المقدس، واعتبارهم معارضين أو مقاومين أو من المغضوب عليهم أو حتى من الضالين، وعليهم أن يذهبوا الى حيث ألقتْ رحْلَها أُمُّ قشعم!

· ليس من الغريب إذاً أن تجد نسب الولاء المؤسسي في أدنى مستوياتها في الإدارات والمنظمات التي ابتليت بهذه العقليات التي (تضحي بالأم لكي يعيش الجنين)، وأن تجد جيوب المقاومة والممانعة تتكاثر فيها وتزداد،‏ ففي الوقت الذي يقول (قانون التخصصيّة) أنه يجب وضع كل عضو من الفريق في مكانه المناسب بشكل عادل ونزيه لتحقيق الاستفادة من طاقاته وإمكاناته، بعيداً عن العنصرية والولاء الشخصي أو القبلي أو العائلي.. يفهم أولئك القادة (فريق العمل) على أنه مجرد (شلة) يجب أن يوحدها الولاء الشخصي والمصالح المشتركة فقط، وأن يُبعد عنها كل الحاسدين والشريرين!.. والأدهى أنها قد تتحول في أحيان كثيرة الى مجموعات (شبه سرية) غامضة الأهداف؛ وذات شروط صعبة في الانضمام!.

· لا تنخدع بالإنجازات التي قد يحققها لك فريق محدود، ضحيت في سبيل تكوينه بالكثير من موظفيك الأكفاء، فهذه الإنجازات كان من الممكن أن تتضاعف لو أحسنتَ الإدارة واحسنتَ الاختيار.. فريقُك الحقيقي هم كل موظفيك بلا استثناء، ونجاحُك الأكبرُ هو أنْ يصلَ هذا الشعورُ للجميع بلا استثناء أيضاً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store