Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

الطفرات التنموية.. إلى أين؟!

A A
كتبت هذا المقال بعد أن كنت أتجول في مدينة جدة بوابة الحرمين الشريفين ومفتاح الحداثة والتواصل مع العالم الخارجي.. وقد شهدت توقيع اتفاقيات البترول مع الشركات وبداية الطفرات الاقتصادية والتنموية في المملكة منذ استخراج الذهب الأسود وتدفقه من آبار المنطقة الشرقية بكميات تجارية كبيرة وتصديره إلى مراكز التصنيع العالمية المتعطشة والمتوثبة لمواصلة تطلعات الثورات الصناعية وتحقيق أهدافها بفضل الذهب الأسود الذي جادت به مكامنه في الدول النامية وكانت المملكة العربية السعودية في طليعتها، والتي تعاملت مع الثروة الجديدة بحكمة وأفادت واستفادت من خبرات المستثمر الأجنبية ونمّت قواها العاملة في شركة أرامكو حتى حان وقت الامتلاك بالكامل وتم ذلك بهدوء وبدون أي إخلال بأمن واستقرار الاقتصاد العالمي واستمرار الإنتاج بإدارة كفاءات وطنية قامت بالواجب على خير ما يرام مع استمرار التعاون والاستعانة بالخبراء الأجانب في الصف الثاني لإدارة دفة الإنتاج والتسويق والتنقيب والاستخراج.

عوائد النفط وصل أثرها إلى كل مكان في المملكة حيث مُدت الطرق والمدارس والكهرباء والمستشفيات، ربما ليس بالقدر الكافي ولكن المهم أن كل منطقة من مناطق المملكة الثلاث عشرة نالت نصيبها حسب مشاريع الخطط الخمسية والقدرة على التنفيذ واستيعاب التطور في البنى التحتية للمرافق الحكومية مثل المطارات والموانئ والمدن والمحافظات والقرى وكان لتوطين البادية أيضًا نصيب يُشار إليه بالنجاح.

التعليم والصحة كان لهما نصيب الأسد برغم استمرار عدم الرضا الذي له أسبابه ولكن مستوى النجاح لا يُنكر أياً كانت نسبة عدم الرضا بسبب سرعة النمو السكاني وضرورة توزيعهما الموارد المخصصة بنظرة شمولية حسبما يراه أصحاب القرار فيهما.. وجوهرة التخطيط الإستراتيجي في المملكة مدينتا الجبيل وينبع الصناعية وخاصة مد أنابيب البترول من الآبار إلى ينبع على شاطئ البحر الأحمر وانتشار المصافي في مواقع إستراتيجية بدراسة مُحكمة من قبل أرامكو والهيئة الملكية للجبيل وينبع.

والطفرات نالت القطاع الخاص بكل فئاته وخاصة شُطار اقتناص الفرص في الخدمات والعقارات والبناء والتشييد.. ومع استمرار الطفرات الاقتصادية استمر استيراد العمالة الوافدة من الخارج حتى أصبحت تُشكل إشكالية لسوق العمل عندما زاد عدد السكان وأصبحت الجامعات وبرامج الابتعاث الخارجية تزف لسوق العمل مئات من أبناء الوطن الذين يلبون وظائف نوعية في الدولة والقطاع الخاص واضطرت الدولة لإعادة تنظيم سوق العمل بسن أنظمة تتخلص من العمالة السائبة وتُلزم القطاع الخاص بتوظيف العمالة السعودية، وقد كان سوق العمل شبه محصور على الذكور وبعد أن أتيح للإناث الابتعاث والدراسة في الجامعات في جميع التخصصات أسوة بالذكور بدأنا نعاني من طفرة تنافسية بين الشباب من الجنسين حيث أصبحت في بعض الحالات شرسة لأن العنصر النسائي منافس قوي وتوجيه الدولة بإعطاء الفرصة ما أمكن للعنصر النسائي وهذا فيه فوائد ولكن هناك محاذير ومؤشرات عزوف الشباب عن الزواج وهذه سلبية غير محمودة في مجتمع سعودي محافظ يتعرض للتغيير بسرعة وبدعم من ولاة الأمر بوازع المساواة في الفرص بين الجنسين وهذا مطلب محمود لا غبار عليه.

والملاحظ أن استغناء الشركات والمؤسسات وعودة بعض الوافدين إلى أوطانهم بسبب إجراءات وزارة العمل وإحلال العمالة السعودية محلهم لم تحقق الهدف المرجو منها بالشكل المطلوب ولكن كان لها تأثيرها السلبي على بعض القطاعات حيث نرى العديد من المحال أقفلت والشقق أُخليت والبطالة ارتفعت.. وكم من قائل لا يوجد إحصائيات دقيقة تؤكد ذلك ولكن العبء يلقى على دوائر الاختصاص في هيئة الإحصاء والغرف التجارية ووزارة العمل والتجارة لتوحيد الجهود والقيام بمسح ميداني وعمل إحصاءات بصفة مستمرة حتى نقيّم مخرجات المرحلة وأيضاً لمعرفة كيفية التعامل مع الطفرة الحالية حتى تكون مثل الطفرات الماضية التي كانت رافعة متميزة للتنمية الشاملة إلى الأمام.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store