Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

ما يحدث في العالم.. لا يعنينا؟!

A A
عندما تشاهد الأخبار على أي قناة إخبارية أو على أي وسيلة إعلامية، وتشاهد ما يحدث في العالم حولنا أو في عالمنا العربي من حروب أهلية وثورات شعبية ونزوح جماعي لمواطنين من كل الفئات العمرية هاربين بأرواحهم من الطغيان السياسي أو طغيان الآلة الحربية من قنابل وصواريخ وطائرات تقصف بلا تمييز تدمر وتمضي بلا رحمة، عندما تشاهد كل هذا هل تهز كتفيك وتلوي عنقك وتهمس لذاتك بأن كل هذا شأن لا يعنيك، أم أنك تشعر وتتألم وتدعو بأن يلطف الله بتلك الشعوب وتحمد الله على ما أنت فيه؟.

عندما تشاهد العالم يحتفل بالمناسبات العالمية كرأس السنة الميلادية والأعياد التي أصبحت عالمية كعيد الحب مثلاً ونحن على بعد يومين منه هل تقوم بنفس الحركات والهمسات مدعياً أن تلك المناسبات لا تعنينا مع أن أبناءنا وبناتنا يدرسون ويعيشون بأبنائهم في معظم تلك المجتمعات ويشاركون في احتفالاتهم ومناسباتهم ويتأثرون بما يحدث عندهم؟!

لماذا يصيبك الذعر وأنت تتابع وباء «كورونا»؟! هل لأنك تخشى على حياتك وحياة أحبتك، هل الخوف هو الذي يربطك بأحداث العالم أم الأحداث هي التي تربطك بالعالم؟.

هل ما يحدث حولنا من حوادث وكوارث، أو مناسبات واحتفالات لا تعنينا حقاً؟ أم أننا جزء من هذه القرية الصغيرة نتأثر بما يحدث في أي جزء فيها ونؤثر أيضاً فيها؟!

الثورات والحروب الأهلية التي تحدث في دولة على خارطة الكرة الأرضية ربما لا تعنينا لأنها لا تنتمي لقارتنا مثلاً أو لعقيدتنا وثقافتنا لكن تأثير ما يحدث فيها لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه لأن له تأثيراً بشكل ما على الأمن والاستقرار الدولي مثلاً، على الاقتصاد، على التدفق البشري واللجوء الذي مثل عبئاً ثقيلاً وما زال منذ بداية الثورات العربية، لكن الثورة السورية هي التي أحدثت أكبر عملية لجوء في التاريخ ربما أكبر من تلك التي حدثت في الحقبة الشيوعية ونشوب الحرب الأهلية في روسيا، فرَّ حوالي 1،5 مليون شخص من روسيا إلى ألمانيا، ولا توجد إحصائية لعدد اللاجئين إلى دول أخرى، لكننا نعلم أن عدداً كبيراً من المسلمين فروا إلى الأراضي السعودية، واندمجوا في الحياة الاجتماعية وأصبحوا جزءاً من النسيج الوطني فيها.

لا أريد أن أورد إحصائية لعدد اللاجئين في العالم، ولكن أورد أمثلة لتوضيح أن ما يحدث في العالم يعنينا بكل تأكيد، كذلك ما حدث من هجرة السوريين في البر والبحر منذ 2015م، والتدفق إلى كل بقاع الأرض، حتى هذه الأيام مازال الفرار بالأرواح من القصف المتواصل على بعض المناطق في سوريا سواء من قوات النظام السوري أو القوات التركية مشاهد تدخل ما يحدث ليس فقط في أعيننا بل في قلوبنا فتدميها!.

لا أريد تلطيخ المشهد بالألوان القاتمة، ونحن في شهر فبراير شهر الأفراح والليالي الملاح، بالرغم من أن عيد أو يوم الحب لايعنينا، ولا تعنينا المناسبة ذاتها، ولا القديس الذي أطلق اسمه على هذه المناسبة تكريماً له؛ لكن يعنينا المعنى «الحب» فالإنسان هو خالق القيم كما يقول نيتشة. قوة الحياة هي التي تدفع الإنسان إلى إضفاء قيم على الأشياء، يقول أيضاً: «إن كل تقويم إنساني إنما يستهدف نفع الحياة في آخر الأمر» ونحن أحوج ما نكون إلى تبني قيمة الحب وبثها والتحريض على تبنيها، لذلك يتفاءل الشباب بهذا الشهر، ويحتفلون بعيد الحب، حتى عندما كان محارباً بطقوسه ووروده ودباديبه، كانوا يحتفلون خلسة، والورود الحمراء لا تعرف من أين يحصل عليها العشاق؟!.

رغم المآسي التي تحدث حولنا، ورغم وباء،»كورونا»، إلا أن الحب كمعنى، أحق أن نلتفت إليه هرباً مما يحدث على الأرض من كراهية وتدمير ومن الخوف من «كورونا»!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store