مَازَالَ حَديثي عَن النَّجَاح مُتوَاصِلًا، ومَازَالَت الاستفسَارَات عَن الخُطوَات المُثلَى لتَحقيق النَّجَاح تَأتِينِي؛ فالحَديث عَن النَّجَاح شيِّق لَا يُمَل؛ لكَثرة طَالِبِيه..
وَلَكن لَاحظَتُ أَنَّ أَغلَب السَّاعين إلَى النَّجَاح؛ يَطمَحون للبدء بخُطوَاتٍ كَبيرَة، فمَثلاً يَأتِيكَ أَحَد الشَّبَاب بفِكرةِ مَشرُوع، ويَبحَث عَن رَأس مَال يَدعَم مَشرُوعه.. والسُّؤَال هُنَا: لِمَاذَا لَا يَعمَل لمُدَّةٍ عَلَى الفِكرَة، بحَيثُ يُديرهَا فِي رَأسِهِ، ويُفكِّر فِي كل الاحتمَالَات؟، وفِي هَذه الأَثنَاء يَقتَطع مِن دَخلهِ للادخَار، وبِذَلك يَكون نَجاحه مُثمراً أَكثَر. ولِمَاذَا يَستَعجِل النَّاس تَحقيق النَّجَاح، ويَقضُون وَقتًا أَقَل فِي الخُطوَات المُهمَّة الأُولَى، وهِي التَّخطيط وتَحديد احتيَاجَاتهم؟، والجَوَاب: لأَنَّنَا نَفتَقد ثَقَافة التَّخطيط عَلَى المَدَى الطَّويل..!
لَو نَظرنَا إلَى سِيَر المُتفوِّقين، لوَجدنَا أَنَّهم وَصلُوا إلَى النَّجَاح بخُطوَاتٍ صَغيرَة، ولَكن مُستَمرَّة، فالطَّريق الطَّويل لَا يُقطَع بقَفزةٍ كَبيرَة، وإنَّمَا عَلَى خُطوَاتٍ قَصيرَة مُتَتَابِعَة، فالسَّعي الحَثيث للوصُول إلَى النَّجَاح، يَجب أَلا يَبدَأ بقَرضٍ أَو تَمويلٍ ضَخْم، إنَّمَا يُمكن أَنْ يَبدَأ بمَشروعٍ صَغير، ومَبَالِغ مُتوَاضِعَة مُدَّخرَة، حَتَّى لَا يَقَع فِي هَمِّ السَّدَاد.. وهَذه التَّوجُّهَات لَا تَتَعَلَّق فَقَط بالمَشَروعات التُّجَاريَّة، وإنَّمَا تَتَعَلَّق -أَيضًا- بالنَّجَاح العَملِي والإبدَاع، وإدَارة العَلَاقَات، فالتَّغيُّر الكَبير يَنتُج مِن خُطوَاتٍ قَصيرَة نَحو القمَّة..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ النَّجَاح أَكلة حُلْوَة، تُطهَى عَلَى مَواقِد الصَّبر، والتَّخطيط الحَكيم، والإجرَاءَات المَدرُوسَة، وليَعمَل كُلٌّ مِنكُم عَلَى إنضَاج مَا يَطبُخ..!!