عمادات القبول والتسجيل في الجامعات السعودية وغيرها يقع عليها دوماً العبء الأكبر من الضغوط كونها تعيش حالة تماس مستدام مع قضايا القبول والحذف والإضافة والنقل والفصل الخاصة بالطلاب وجميعها قضايا ساخنة داخل أروقة الجامعات لذا يستوجب أن يكون القائمون عليها من عمداء قبول وتسجيل ووكلاء وموظفين على قدر عالٍ من الانضباط وسعة الصدر والمرونة عند مباشرة مهامهم كالتمسك بروح النظام لا حروفه في محاولة لمراعاة الظروف الصحية والاجتماعية والنفسية التي يواجهها الطلاب مع عدم الإخلال بأصول النظام.
ولعلي هنا أقف احتراماً لأنموذج رائع مازال قائماً بأعمال القبول والتسجيل بجامعة الملك عبدالعزيز وأرفع له القبعة لما يقوم به من تفاعل إيجابي حيال قضايا الطلاب، وهذا ما لمسته حينما كنت في حالة مراجعة لموضوع خاص بأحد الطلاب لهذه العمادة، وللعلم لم يتحقق طلبي الذي أتيت من أجله، لكني كنت في حالة رضا لما وجدته من سعادته من دماثة خلق وقوة إقناع جعلني أقدِّر ذلك في سعادته، وهذا أيضاً ما لمسته من حالات الرضا التي ارتسمت على وجوه الكثير من الطلاب حينذاك. ولعلي هنا أضع هذا الأنموذج القيادي الرفيع ليحذو حذوه المكلفون بعمادات القبول والتسجيل في جامعاتنا الموقرة، ويقيني أن منهم كذلك، كي يدركوا أن ما تقلدوه من المهام ما هو إلا تكليف لا تشريف، فهم دوماً معنيون بمخاطبة الطلبة ومواجهة قضاياهم، لذا يستوجب عليهم أن يتجاوزوا حدود التنفيذ الحرفي للأنظمة والمهام الموكلة إليهم دون مخالفة لأصول النظام، وليعلموا أن ما يصدرونه من قرارات قد يرونها هينة وسهلة لكنها ستقذف بالكثير من الطلاب والطالبات إلى مسارب قد لا تحمد عقباها، وقد يُحدث ذلك تحولاً جذرياً في مسيرة هذا الشاب أو الشابة المستقبلية، كما يستوجب على الكثير منهم مع كامل الحب والتقدير أن يتنازلوا عن حالة التضخم المذموم بوجودهم بحوزة تلك السلطة شبه المطلقة لقراراتهم. وللأسف الشديد أن هذه الفئة موجودة بكثرة في هذا المركز القيادي في جامعاتنا وليضع كل منهم ابنه أو ابنته في نفس المكان الذي يقف فيه الطالب أو الطالبة الماثل أو الماثلة أمامهم وهذا بالطبع لا يعني التخلي عن أصول النظام وجوهره بل الذهاب إلى روح النظام ومفاتيح التسهيل فيه فأمامهم الكثير من الحالات التي تستحق الالتفات وإعادة النظر، فكم هي بعض القرارات المجحفة التي تتخذ في لحظة غضب أو تعجل وكان لها الأثر المستدام على مسيرة طالب وطالبة يحلم بالكثير من التطلعات والآمال لكنها تذهب بكلمة لا أو بجرة قلم، والله من وراء القصد.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
