Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

بقاء البنيان في ثبات الأركان

A A
كثيرًا ما يستغرب الناشئة من الأبناء والأحفاد ترحمنا على أيَّام زمان! ناسين ما كنَّا نتحدَّث -بوجودهم معنا- مع من يزورنا من الأصحاب عمَّا عانيناه في طفولتنا وشبابنا من شظف العيش وقلَّة ما في اليد، وأنَّ الأزقَّة والحواري في مدننا كانت تضاء بالفوانيس لعدم تعميم شبكة الكهرباء بعيدًا عن الحرمين الشريفين.. والحال ذاته مع مياه الشرب التي كنَّا نحصل عليها من الآبار، ونضطًرُّ لتصفيتها من الشوائب وغليها لتفادي إصابتنا بالأمراض التي كانت تحصد العديد من مختلف الأعمار.

كثير من أهلنا ومعارفنا غادروا دنيانا وهم ما بين العقدين الخامس والسادس من العمر دون معرفة مسبَّب موتهم المبكِّر.. وأنَّ ممتهني حلاقة الشعر كانوا يعالجون الكثير من الأمراض والعلل لقلَّة عدد الأطبَّاء، وشبه انعدام المصحَّات والمستشفيات.. أمَّا عن صعوبة الانتقال من مدينة إلى أخرى لعدم وجود الطرق المعبدة، فحدَّث ولا حرج.. وأنَّ آباءنا وأجدادنا لم يعرفوا السيَّارة والراديو والتلفون إلَّا بعد سنوات من قيام الدولة السعوديَّة الثالثة على يد الملك المؤسِّس طيب الله ثراه.

نردُّ على المستغربين بأنَّ مبرِّر ترحُّمنا على أيَّام زمان أنَّها كانت أكثر إلفة ومحبَّة وتراحمًا بين أفراد العائلة والجيران، ومن نشترك معهم في تدبير أمور معيشتنا التي كانت متقاربة شكلًا ومضمونًا بيننا وبين جيراننا.. كانت بيوتنا متجاورة ويمتاز أَثاثها بالبساطة.. لم تكن هناك سيَّارات خصوصيَّة تدلُّ على غنى مالكها.. ولا خدم وحشم يفوق عددهم عدد أفراد الأسرة التي يعملون في خدمتها كما هو اليوم.. كلُّ هذا خلاف عدم معرفتنا في ذلك الزمن الجميل بوسائل التواصل الاجتماعي من أجهزة تلفزيون وتلفونات ذكيَّة تنقل أخبار الآخرين خارج جزيرتنا العربية لحظة بلحظة. ولا تصل الأخبار السيِّئة من قيام فتن وحروب وقتل وتهجير إلَّا بعد شهر وزيادة من اندلاعها وقد خمدت نيرانها.. بينما اليوم تصل الأخبار المثيرة للخوف والهلع من جرَّاء الفتن والحروب والقتل والتهجير لحظة اندلاعها.. ومع كلِّ ما تقدَّم ذكره، فالماضي الذي نستعيد ذكراه يبقى جميلًا.

جيل الماضي الجميل شهد إرساء قواعد مملكتنا، وبالتالي هو الأوفر حظًّا من جيل اليوم الذي لم يتابع مراحل نشأة المملكة، واستعادة الرياض على يد الملك المؤسِّس طيَّب الله ثراه.. ثمَّ لمِّ شمل العائلة من الخليج العربي إلى البحر الأحمر، ومن بلاد الشام والرافدين إلى تخوم اليمن... ومتابعة أنجاله من الملوك؛ خدَّام الحرمين الشريفين، ورفع قواعد البيت السعودي بامكانيَّات ماليَّة متواضعة إلى تطلُّعات عالية..

تواصل رفع بناء المملكة عاليًا وشامخًا، وزادهم ارتفاع البناء قوَّة وعزيمة إلى أن اكتمل، فضمَّ فيه جميع أفراد الأسرة السعوديَّة على تعدُّد عاداتهم وتقاليدهم.. وارتقت المملكة مع انتشار التعليم وما أفاءَ الله به على بلدنا من موارد، لتنضم إلى مصاف الدول التي توفِّر لمواطنيها كلَّ الإمكانيَّات لتزداد علمًا ومعرفة وعطاء لما فيه خيرهم وكرامتهم، ممَّا أهَّل المملكة لتصبح شريكًا فاعلًا ومؤثِّرًا في قمَّة العشرين المعنيَّة بسياسة العالم الماليَّة والاقتصاديَّة.

تستعِّد مملكتنا هذا العام لاستضافة دورة القمَّة العشرين في العاصمة الرياض يومي 21 و22 نوفمبر القادم.. سيكون لقاء القمَّة مناسبة للقادة العشرين ليطَّلعوا عن كثب على ما حقَّقته المملكة من رقيٍّ في المجالات الإِنسانيَّة والاجتماعيَّة كافَّة رغم أنَّها محاطة بدول كانت إلى زمن قريب رائدة في الإنتاج والعطاء، وأصبحت اليوم في وضع اجتماعي واقتصادي يدمي القلب، لتدخُّل دعاة الطائفيَّة والعنصريَّة، بدعم الدول الاستعماريَّة في إدارة دفَّة الحكم بالقهر والتعسُّف لدرجة أنَّ الكثيرين من مواطني تلك البلدان الشقيقة يترحَّمون على أيَّام الاستعمار.

بعد هذا الشرح المختصر عن مملكتنا بين الأمس واليوم، يكون من المفيد، أسوةً بعدد من حكومات الدول المتقدِّمة، مباشرة المسؤولين عقد لقاءات مفتوحة تباعًا مع المواطنين عبر وسائل الإعلام المرئيَّة يقدِّمون لمن منحوا ثقتهم وولاءهم لقيادتهم خلاصة الأحداث المحليَّة والإقليميَّة والعالميَّة التي تؤثر في مجريات الأمور في بلدنا.. والجديد من الإنجازات التي تمَّت وتلك التي ما تزال قيد التنفيذ، لدحض مزاعم المرجفين وبطلانها.. فالإشاعات ونشرها جريمة ضدَّ أمن المجتمع.. فًتضافر القمَّة والقاعدة أساس قوَّة البناء ودوامه.

حفظ الله بلدنا في حفظه الكريم، ووقانا وإيَّاكم من المرجفين، وجعل كيدهم في نحورهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store