Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

شكرا لمن ذكّرونا بإيجابيات كورونا! «2»

الحبر الأصفر

A A
المِحَن والمَشَاكِل نِعمَةٌ عَظيمَة، فنَحنُ لَن نَستَشعر قِيمة الأيَّام المُريحَة الهَانِئَة؛ إلَّا حِينَ نَمرُّ بأَزمَات، لأنَّ الأَشيَاء تَتَبَايَن بضدِّها، كَمَا أَنَّ لَهَا فَوَائِد عَديدَة، وحِينَ نَنْظُر لكُلِّ شَيء بنَظرةٍ مُتعمِّقة، سنَرَى إيجَابيَّات غَفلنَا عَنهَا طَويلًا..!

حَتَّى الآن -فِي زَمنِ انتشَار فَايروس «كورونا»، وفِي خِضَم موجة التَّشَاؤم والهَلَع- وَجدتُ بَعض الإيجَابيَّات المُفرِحَة.. فحِينمَا عُلِّقت الدِّرَاسَة، بَدَأَ الطُّلَّاب والطَّالِبَات يَحِنُّون إلَى المَدرسَة، ويَشعرون بقِيمتها.. وقَد مَنح بَقَاؤهم فِي مَنَازلهم؛ فُرصةً لذَويهم؛ كَي يَتعلَّموا الإدَارَة، فتَحوَّل البَيت إلَى مَدرسةٍ مُصغَّرة، والوَالِدَان هُم مَن يُديرونهَا.. كَمَا كَشَف دخُول الفَايروس للمَملَكَة؛ عَن الأشخَاص الذين يُسَافِرُون -سِرًّا- إلَى بُلدَانٍ مَمنوع السَّفر إلَيهَا..!

ومِن إيجَابيَّات المَرض أَيضًا، مُلَازَمَة النَّاس لمَنَازلهم، مِمَّا يَمنَحهم وَقتًا للعُزلَة، وأَخذ مِسَاحَة لأَنفسِهم، وقَد كَان العَمل مَقصورًا -غَالِباً- عَلَى الخرُوج مِن المَنزِل؛ أمَّا الآن، بَات الجلُوس فِي المَنزل؛ شَكلًا مِن أَشكَال العَمَل، وخِدمةً للوَطَن أَيضًا.. وقَد بَدأتُ أنجز أَشيَاءً لَم أنجزهَا مُنذُ سَنوَات؛ بسَبب فَايروس «التَّأجيل»..!

كَذلِك، اتّجه النَّاس لنَمَط حيَاة أَكثَر اعتدَالاً وصحّة، وتَركوا بَعض العَادَات الصحيَّة الخَاطِئَة.. ولَكن لَا تَستَغربوا إذَا تَغيَّرت عَليكم؛ وَجبَات مَطَاعم الشَّاورمَا والفَلَافَل؛ فقَد أَصبَح المُوظَّفون يَغسلون أَيديهم مَرةً عَلَى الأَقَل..!

كَمَا دَفعنَا فايروس «كورونا» لاستشعَار نِعمة الصحَّة العَظيمَة، التي كُنَّا نَتمتَّع بِهَا ولَم نَفطن إليهَا، إلَّا حِين خَشينَا فُقدَانها، وقَد قَال الصِّينيّون فِي حِكَمهم: (تَذوَّق المُرّ حَتَّى تَستَمتع بالحلو)..!

وقَد لَاحظتُ أَيضاً انخفَاض عَدَد التَّجمُّعات، والمُنَاسَبَات، حَتَّى قَبل قَرَار إغلَاق قَاعَات الأَفرَاح.. وتَزَامنًا مَع هَذا، تَرك النَّاس عَادَات التَّقبيل والسَّلَام القَوي، وأَصبَح السَّلام -كَما يَقول فَنَّان العَرَب «محمد عبده»: (سلِّم عَليَّا بعينَك، إنْ كَان بَخِلَت ايدينك)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: إنَّ الحيَاة هِي مِن اختيَارَاتنَا، وتَحكُمها نَظرَتنا للأَشيَاء، فمَتَى اخترنَا النَّظر للأمُور بالسَّلبيَّة، سنَخَاف ونَقْلَق ونَترقَّب الأَسوَأ، وحِينَ نَختَار النَّظرَة الإيجَابيَّة، سيَتوجَّه الخَير إلينَا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store