Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

الاستثمار في التعليم أهم من الاستثمار في الزراعة والصناعة

A A
كتب الصديق الحميم والزميل القديم رجل العلم والأعمال سعادة الدكتور عبد الله بن صادق دحلان مقالة مهمة في جريدة عكاظ في عددها الصادر في 8/3/2020م بعنوان «طلبة الجامعات الأهلية في أزمة مالية»، استهلَّها باستعراض شامل لبنوك التنمية في بلادنا الغالية مثل بنك التنمية الصناعي وبنك التنمية الزراعي وبنك التنمية العقاري، وسواها من البرامج التنموية التي تهدف الى دعم ومساندة المشروعات التنموية، ولم يَفُتْه أن يعرِّج على صندوق الاستثمارات السعودية العملاق الذي يدعم المشروعات التنموية عموماً ووصفها جميعاً بأنها تمثل توجهات صحيحة باتجاه التنمية الشاملة في المملكة وبأنها استثمار طويل الأجل في قروض تعود بالنفع على المُقرِض والمقترض، ثم وصل الى بيت القصيد في مقالته حين ذكر أنه حتى تاريخه لم ينشأ بنك متخصص لدعم التعليم وطلبة العلم رغم الحاجة الماسة إليه، وأن تمويل الدراسة للطلبة الدارسين على حسابهم الخاص لم تتم الموافقة عليه، ويقصد بذلك برامج تمويل للدارسين في الجامعات والمعاهد المتخصصة، ومثلُ هذه البرامج موجود ومطبَّق في العديد من دول العالم المتقدم وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية، إذ بعد قبول الطلاب يتقدمون لنيل هذا الدعم من خلال قنوات معروفة في كل جامعة، ثم يتولى أحد البنوك تسديد الرسوم الدراسية، وعادة ما تكون بنوكاً أو صناديق حكومية، وتُستقطع هذه المبالغ من الطلاب بعد التخرج على فترات طويلة تصل الى عشر سنوات بعد أن يحصلوا على وظائفهم في أي مؤسسة أو شركة حكومية أو غيرها، وتضمن الدولة حقوقها بهذا الاستقطاع الملزم الذي لا يمكن التهرب منه وبذلك يدور رأس المال، ويُقرض طلاب جدد باستمرار وهكذا. وأشار الدكتور دحلان الى منح دراسية كانت تُعطى للطلاب للدراسة في الجامعات والكليات الأهلية في الماضي شملت عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات، بدعم حكومي في بدايات ظهور التعليم الأهلي، ومن ثمَّ توقفت هذه المنح، فتعثَّر آلاف الطلاب في دفع الرسوم، وبالتالي توقف الآلاف عن متابعة مسيرتهم التعليمية، وبسبب الظروف الاقتصادية أصبح ذووهم عاجزين عن تحمل هذه الرسوم، فحُرم الكثير من الشباب فرص إكمال دراستهم الجامعية، ولا تستطيع الجامعات الأهلية تحمُّل هذه الرسوم أو جزء منها، لأن تكاليفها التشغيلية عالية ولا تغطى إلا من خلال هذه الرسوم التي تقل كثيراً عن رسوم بعض المدارس الخاصة، وفي مقدمتها ما يسمى: المدارس العالمية.

واقترح د. دحلان أن تعود هذه المنح الدراسية بضوابط ملزمة أو أن توفر قروض حكومية للدارسين تُستقطع منهم بعد توظيفهم.

وأنا أضم صوتي الى صوت الدكتور دحلان الذي طرح فكرته هذه من واقع تجارب كثيرة وطويلة له في التعليم الجامعي الأهلي، فهو مؤسس جامعة الأعمال والتكنولوجيا ورئيس مجلس الأمناء فيها التي تعتبر من أبرز وأهم الجامعات الأهلية في المملكة، ولا شك في أنه عايش معاناة كثير من الطلاب وأسرهم في دفع الرسوم. والواقع أن تحمُّل الدولة هذه الرسوم أو إقراضها للطلاب أخفُّ وطأة بكثير من تكاليف الدراسة الجامعية المنتظمة في الجامعات السعودية، فلو قسَّمنا ميزانيات أي جامعة حكومية على عدد طلابها وطالباتها الكامل، سنجد أن تكاليف الطالب الواحد تبلغ أضعاف تكاليف الرسوم الدراسية في الجامعات الأهلية، ما بين أجور للعاملين وتكاليف المباني والمعامل والتجهيزات والفصول الدراسية ومكافآت الطلاب، وسوى ذلك كثير لا يحصى. كما أننا لو قارنا رسوم الدارسين في الجامعات الأهلية بتكاليف الابتعاث الى أي دولة، نجد أن تكاليف الابتعاث أضعاف هذه الرسوم ولا شك، إذ تتكفل الدولة بكل ما يلزم الطالب المبتعث، بصرف رواتب له ولأسرته وعلاجه وسفره وغير ذلك كثير، وقبل كل ذلك لا بد من الأخذ بالحسبان أن الاستثمار في التعليم وخاصة التعليم العالي أهم من الاستثمار في الصناعة والزراعة والعقار وغيرها، لأن الأجيال الصاعدة عالية التأهيل هي من سيقود مسيرة التنمية الصناعية والزراعية وغيرها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store