Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حليمة مظفر

السعوديون بعد «فيروس كورونا»..!

A A
هل تعلمون أن نسبة الوفيات بالأنفلونزا الموسمية أعلى من وفيات «كورونا»حالياً!! حيث تشير منظمة الصحة العالمية أن عدد وفيات الأمراض التنفسية الناجمة عن الإنفلونزا الموسمية يقدر بـ 650 ألف وفاة سنوياً، وبصدق، قبل «كورونا» من منّا لم يُصب بإنفلونزا موسمية عابرة، جميعنا صغاراً وكباراً؛ وكم نستهين -للأسف الشديد- بسبب تبسيطها حين يقولون لنا: «ما تقلق ..إنفلونزا بسيطة!، هذه العبارة التي نسمعها من بعض الأطباء ليطمئنونا كما يظنون!. حتى بات بعضهم لا يذهب إلى المستشفى ويكتفي بالصيدلية لأخذ مضادات ومخفضات للحرارة، والمؤسف أن كثيراً من الأبناء نتيجة قلة الوعي والثقافة الصحية يستهينون بها حين يُصاب آباؤهم وأمهاتهم المسنون في بيوتهم ويتعاملون معها على أنها مجرد زكام ببعض الأدوية المنزلية!، حتى تقع الفأس في الرأس! وتصل حالة المسن أو من لديه مرض مزمن إلى المستشفى لعدم استجابته لأدوية الصيدلية!!، ويتفاجأ الأبناء بتحويله إلى العناية المركزة ثم أجهزة تنفس صناعي، وبعد أيام قد لا ينجو وينتقل إلى رحمة الله لأن «فيروس الإنفلونزا الموسمية» وصل إلى الرئة وأصابها بالتهاب حاد أدى إلى فشل التنفس بينما وكل ما في»الظن» أنه»شوية زكام»!!.

صحيح لستُ طبيبة لكني أدركتُ خطورة الإنفلونزا الموسمية على كبار السن خاصة بعد مرافقتي للوالد رحمه الله خلال مرضه لما يقارب أربع سنوات بالمستشفى واحتكاكي بالعديد من الحالات خاصة في العناية المركزة التي عشت مرارتها وجعلتني أدرك أن إصابة المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة بالإنفلونزا الموسمية خطورة تهدد حياتهم، لهذا يجب عدم تعريضهم لها وإن حصل يتم تداركها في أيامها الأولى قبل تمكن «الفيروس» من الرئة مسبباً فيها التهاباً وفشلاً تنفسياً!.

وما أزال أتذكر شابة كانت تبكي بحرارة في حالة صدمة بعد رؤيتها والدتها على جهاز التنفس الصناعي في العناية المركزة وهي تقول لي»كان مجرد زكام وسخونة عادية!!» ولم يدُرْ في حسبانها أنها ستفقدها!، لهذا كنتُ دائماً ما أنصح المحيطين والمعارف حين يخبرني أحدهم أنه «مزكوم» بعدم الاقتراب من المسنين أو أن مسناً في عائلته لديه زكام بأخذه فوراً إلى المستشفى!

واليوم بعد «فيروس كورونا» ونحن نعيش مع كل هذه الإجراءات الاحترازية والقرارات الحكومية التي وصلت إلى حظر التجول وهو ما يعيشه السعوديون لأول مرة في حياتهم لأجل سلامتهم وحياتهم التي تهتم بها وترعاها بعين لا تنام قيادتنا الرشيدة -حفظهم الله- وجعلتنا كمواطنين سعوديين نفخر بحكومتنا وبوطن يعتبر الإنسان أولاً فسخر كل مدخراته واقتصاده لأجل سلامته؛ وتعززت قيمة الجواز السعودي الذي نملكه خاصة ونحن نرى من حولنا تعاملات الحكومات التي لطالما سمعنا من مكائنهم الإعلامية عن دعايات حقوق الإنسان كيف أظهرت هذه الأزمة أن الاقتصاد لديهم قبل الإنسان!! وتأخرهم في الإجراءات الاحترازية خوفاً على خسائر الاقتصاد، مما أدى بهم إلى كوارث صحية واقتصادية معاً؛ نراها الآن بألم إنساني في إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا ونيويورك وغيرها.

وكل هذا الذي نراه ونسمعه يومياً من أخبار على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والصحية كفيل بهندسة الوعي لدى السعوديين خاصة الوعي الصحي ورفع مستوى ثقافته؛ لأن كثيراً منّا لم يكن يُبالي بتناول الأطعمة الخارجية يومياً، واكتشف اليوم أهمية إعدادها داخل البيت ثم اكتشف أيضاً أنها وفّرت الكثير من المال، والكثير ربما كان يهمل غسل يديه باستمرار مكتفياً بمرات معدودة، واليوم يدرك أننا نعيش وسط عالم من الفيروسات التي بات يهتم بمعرفتها وعلينا أن نحمي أنفسنا منها!. الكثيرون لم يكونوا يدركون أن داخلهم مواهب لكن حظر التجول والحجر المنزلي جعلهم يعيدون اكتشاف أنفسهم وعلاقاتهم الحقيقية، بل كثيرون كانوا يعتبرون منازلهم مجرد فندق للنوم واليوم بات مسرحاً للتسلية العائلية مع لعبة»الكيرم» و «بالوت « .

باختصار، الكثير منّا نحن السعوديين بعد كورونا اكتشف أن 50% مما لديه وكان يركض خلفه خارج بيته؛ لم يكن يحتاج إليه بقدر حاجته لاحتضان أسرته وهم في أتم صحة وعافية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store