Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

تحقيق التراضي.. بين الحاضر والماضي!

الحبر الأصفر

A A
يَكثُر بَين النَّاس التَّشكِّي مِن المَاضِي وآلَامه، ودَائِمًا يَرتَبط ذِكره مَع الأَلَم والفَشَل والخُذلَان.. فلِمَاذَا هَذا التَّصرُّف النَّمَطِي مَع المَاضِي..؟!

غَالبًا مَا يَنصح البَعض بعَدَم التَّفكير فِي المَاضِي، ومِن خِلَال قِرَاءَاتي الوَاسِعَة، ومُشَاركَاتي فِي مَجَال التَّنميَّة البَشريَّة أَقول: فَكّرُوا فِي المَاضي، وفَكّرُوا فِيهِ كَثيرًا، لَا أَعنِي طَبعاً أَنْ تَندبوا خيبَات السِّنين، بَل عَلَى العَكس مِن ذَلِك تَمامًا، ابْحَثُوا عَن تَجاربكم السيِّئَة، وغيِّروا العَدسَات السَّلبيَّة القَديمَة لنَظَّارة الزَّمن.. قَيِّموا كَيف تَصرَّفتم فِي مَواقِفكم الحَرِجَة، وكَيف ستَتصرَّفون لَو عَاد بِكُم الزَّمن، ستَرون كَيف تَحسَّنت قُدرَاتكم، وازدَادَت الحِكمَة لَديكُم.. لَو أَنَّ الإنسَان لَا يُعَاني، لِمَا تَعلَّم أَبدًا، ولَكن كُلّ مَا يَجِب فِعله؛ نِسيَان المَشَاعِر التي خَلَّفتهَا التَّجرُبَة السيِّئَة، والاحتفَاظ بالخبرَات المُكتَسبَة..!

يَقول الدّكتور «الفقي»: (لَيس المَاضي إلَّا كنزًا مِن المَهَارَات، والخبرَات والتَّجَارُب، بدونهَا يَتخبَّط الإنسَان فِي الظَّلَام). فلَا تَسعَ لمَحو المَاضِي، فهو مَليءٌ بالكنُوز، إنَّها كنُوزٌ فَريدَة، لأنَّها مِن وَاقِع تَجربة كُلّ مِنَّا وخِبرته. تَقبَّلوا مَاضيكم كجُزء مِن أَنفُسِكُم، لَا تَتركُوه خَلفكم، وتُحَاولوا التَّخلُّص مِنه، بَل ضَعوه أَمَامكم، وركِّزُوا تَفكيركم عَلَى مَا تَعلَّمتموه مِنه. فَقَط المَشَاعِر السَّلبيَّة والآلام؛ هي التي تَستَحق الرَّحيل، امْحوهَا، وحَاربُوا سَيطرتهَا القَويَّة..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: إنِّي أَمضِي فِي هَذه الحيَاة؛ مُقدِّرًا كُلّ الأَزمَان التي مَررتُ بِهَا، فلَا أَنسَى تَجَارب المَاضي، ولَا أُهمِل عَمل الحَاضِر، وأُخطِّط للمُستقبَل. وكَمَا تَقول الحِكمَة: (مَن يَشنقه صَوت المَاضِي، لَا يَستَطيع مُخَاطبة المُستقبَل)، لهَذَا تَصَالحتُ مَع مَاضيَّ، حَتَّى لَا يَقتلني ولَا أَقتله..!!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store