المحن تكشف حقيقة السمعة

في أوقات الرخاء تتمتع بعض الجهات بسمعة جيدة وتظهر في المحافل المختلفة وهي تنادي بمجموعة من القيم الرائعة والصور الجميلة والتي تحرص على أن يعرفها الآخرون من خلالها وفي مقدمة تلك القيم الصدق والثقة والجودة والنزاهة والوفاء والشفافية وتحمل المسؤولية وغيرها من الخصال الجميلة والنموذجية والتي تسعى كل منظمة أن تتبناها وتصبح معروفة بها، فالسمعة الحسنة تساهم في تعزيز الثقة وزيادة الولاء وتقوية التأثير وارتفاع نسبة الرضا ورفع معدلات الاستقرار وبالتالي ارتفاع معدل المبيعات وزيادة أعداد الزبائن وهذا يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأرباح والعوائد وزيادة رأس المال ومضاعفة الخدمات والمنتجات وارتفاع الحصة السوقية.

بعض تلك الجهات كانت تعتقد بأن رأس مالها هو ما تملكه من أرصدة في البنوك أو ما تمتلكه من أصول أو غيرها من ممتلكات مادية وتربط اسمها وسمعتها بمستوى قيمة العلامة التجارية لها أو مستوى الشهرة والصيت الواسع، في حين أكدت الكثير من البحوث والدراسات بأن السمعة الحسنة هي في الحقيقة رأس المال والثروة الحقيقية والتي لا تقدر بثمن والركيزة الأساسية في تقدم تلك المنظمات ونجاحها.

في الأزمات والمحن تظهر حقيقة تلك السمعة الحسنة ومعدنها وبالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها العديد من الجهات المختلفة خلال هذه الأوقات إلا أن حقيقة سمعة تلك الجهات تظهر اليوم في أوقات المحن والأزمات فمنهم من لن يتغير ويبقى متمسكاً بالأسس والقيم التي عرفها عنه المجتمع والتي تعتبر الجذور التي تأسست عليها بعض تلك الكيانات ومنهم من يتخلى عن تلك القيم عند أول امتحان صعب يواجهه فيسعى إلى التماس الأعذار ويضع الحجج المختلفة وينسلخ من جلده ويغير من هويته وكل ذلك لأنه لم يتمكن أن يصمد أو يواجه تلك التحديات فيتنازل عن قيمه وعن سمعته.

بعض تلك الجهات تنفق مبالغ طائلة في التسويق والترويج لاسمها وسمعتها وتعمد إلى العديد من الوسائل من أجل الحفاظ على علامتها التجارية وتحافظ على حصتها السوقية لكنها مقابل كل ذلك تتنازل فوراً عن الحفاظ على كل ذلك بسبب أنها لم تتمكن من الصمود أمام بعض التحديات أو الوقوف مقابل بعض الأزمات والمحن .

السمعة الحقيقية هي تلك السمعة الأصلية والتي لا تتغير مهما تغيرت الظروف ولا يتم المساس بها مهما كانت الظروف فهي سمعة تستمد قوتها من الأصول ومن المبادئ والقيم التي تنبع من القلب وما كان من القلب لا يمكن أن يتغير مهما تغير الزمان.