Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

متى يرحل الضيف الثقيل؟

A A
من الذي تسبب في انتشار فيروس كورونا؟، هل هي الصين أم أميركا ؟ .. ولماذا؟، أسئلة قد لا نجد لها جواباً في الوقت الحاضر على الأقل وإن كان من المحتمل أن تكون كل من القيادتين الصينية والأميركية حددتا كيف ولماذا حدث هذا الوباء.. إنما المهم بالنسبة للملايين من الناس المرعوبين في مختلف أنحاء العالم والعشرات أو مئات آلاف المصابين هو متى وكيف ستنتهي هذه المأساة التي تعجز جيوش العالم مجتمعة عن إيقافها؟.. يقول لنا الأطباء أن السبيل الوحيد هو التوصل الى لقاح يقضي على الفيروس ويوقف انتشاره. ويتحدث أطباء عن أن ذلك لن يكون سريعاً، فأي لقاح يجب اختباره وإجازته من الهيئات المعنية وذلك سوف يستغرق العديد من الشهور. إلا أن الضرورة أدت إلى أن الهيئات المعنية بالترخيص لاستخدام اللقاح سمحت بذلك خلال بضعة أيام، في أميركا، وتم تلقيح مصاب به. وتتسابق العشرات من شركات الأدوية ومراكز الأبحاث في مختلف أنحاء العالم على تطوير لقاح مضاد للفيروس. وسيؤدي هذا الأمر الى بروز لقاح جديد قريباً، وربما أكثر من نوع لتبدأ بعدها مرحلة التعافي. فالصين التي تخلصت من الوباء بفعل القرارات الحاسمة التي اتخذتها تواجه الآن عودة ثانية للوباء لن يوقفها سوى لقاح فعال يتم تطعيم الناس به.

شركات الإنترنت بمختلف أنواعها أصبحت المستفيد الأكبر من انتشار الوباء، إذ وجد مئات الملايين من الناس في مختلف أنحاء العالم لم يكونوا يستخدمون الإنترنت، أو يستعملونه لفترات قصيرة ولأغراض التسلية غالباً وجدوا أنفسهم مرغمين على استخدامه للدراسة والعمل والتواصل مع الأهل والأقارب. ووجدت السلطات الصحية والأمنية والمالية وغيرها أن عليها التواصل والمتابعة مع المواطنين عبر الإنترنت. واستخدمت الحكومات أجهزة الهاتف المحمول لمراقبة المصابين بكورونا ومتابعة التزامهم بالحظر المفروض عليهم. وتقول مجلة (الإيكونوميست) البريطانية أن هونج كونج تستخدم الواتس أب لهذا الغرض. بينما عممت كوريا الجنوبية نظاماً للهاتف يطلق تنبيهاً لمستخدمه إذا ابتعد عن المكان المحدد له، وينبه الجهات الرقابية. وتتابع السلطات في تايوان المصابين بالمرض عن طريق تلفوناتهم المحمولة وإذا لاحظت ابتعاد مصاب عن الموقع المحدد ترسل رسالة نصية له وتنبه الشرطة لمكانه. وإذا ما غادر بيته بدون هاتفه يعاقب بالغرامة وربما السجن. وقامت الصين باستخدام نظام للهواتف المحمولة يرسل إشارة ملونة لتحديد ما إذا كان حامل الهاتف مسموحاً له بالتنقل أو البقاء في الحجر.. وهناك نظام آخر للهواتف المحمولة ينبه حامل الهاتف ما إذا كان حوله مصاب بالمرض.

وباء كورونا فضح النظام العالمي وكشف مدى هشاشته، وسقط وإن كان لفترة قصيرة الادعاء بأن العالم يمكن أن يساعد بعضه بعضاً، بل ارتفع مستوى الشكوك فيما بين الدول ووقفت المؤسسات الدولية التي كانت مهمتها التعاون الدولي في مثل هذه الأوقات مشلولة لفترة ليست بالقصيرة . ولم يترك الوباء دولة إلا ودخلها فكان أن انطلق شعار بلدي أولاً وثانياً وثالثاً ثم نرى ما يمكن عمله. وعندما صرخ الإيطاليون طلباً للمساعدة لم يتحرك الأوربيون، في الاتحاد الأوربي، ولا غيرهم لتقديم العون إلا بعد أسابيع. وحين قدمت كل من فرنسا وإيطاليا والبرتغال اقتراحاً بأن يقوم الاتحاد الأوربي بإصدار سندات مالية للمساعدة رفضت حكومتا ألمانيا وهولندا ذلك. وخلال مؤتمراته الصحفية كان الرئيس الفرنسي يصرخ «تحيا فرنسا.. تحيا فرنسا»، ولم يكن التعاون الدولي من أولوية خياراته حينها.

الحكومات سوف تستفيد من نجاح الإنترنت في متابعة الناس وتواصل الاستفادة منه حتى بعد رحيل الوباء. وأعلنت جوجل أنها تعتزم مشاركة الحكومات في تتبع تحركات الناس في كل مكان من العالم لمكافحة الوباء. ونجحت شركات إنترنت عديدة في كسب مستخدمين سيحولها الى إمبراطوريات، ومن أمثلة النجاح ما حققته شركة (زووم) إذ إنه وصل عدد مستخدميها بنهاية شهر ديسمبر الى عشرة ملايين شخص وفجأة أصاب الوباء العالم وقفز عدد المستخدمين في الشهر الماضي، مارس، الى مائتي مليون مستخدم.

يبدو أن هناك متغيرات عديدة تواجه العالم بعد وباء كورونا أكان اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعياً.. وليس من الواضح حتى الآن شكل وتأثير هذه المتغيرات.. وإن كان من المتوقع أن يتمكن العالم من وضع قواعد جديدة تتيح مواجهة أي وباء مستقبلاً بشكل أفضل بعد أن يرحل كورونا خلال الأسابيع القادمة بإذن الله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store