Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

المؤسسات التعليمية الأهلية تستحق دعم «ساند»

A A
كتبت غير مرة في هذه الصحيفة الغراء وغيرها عن أن الاستثمار في التعليم الأهلي يعتبر الأقل في العوائد المادية، وإن كان الأغنى في العوائد المعنوية: الوطنية والدينية والاجتماعية، وما كانت كتاباتي العديدة تلك من فراغ، فأنا أعلم عن كثب بحكم قربي الشديد من أصحاب مؤسسات تعليمية جامعية أو في المراحل التعليمية المختلفة أو شركاء فيها أن أرباحهم تغطي تكاليفهم ويتبقى منها هامش ربح ضئيل للغاية، يمكن أن يتحقق أضعاف أضعافه لو أنهم استثمروا أموالهم في أي مجال تجاري عادي كالعقار أو المقاولات أو الأسواق التجارية وغيرها، ولطالما تمنيت أن تحظى مؤسسات التعليم الأهلي: التعليم العام والجامعي بمعونات سخية من الدولة لضمان استمرارها وسدِّها لثغرة مهمة في قطاع التعليم، إذ تغطي ما يقرب الخُمس من المنظومة التعليمية في بلادنا وتوفر بذلك مبلغاً يصل إلى ثلاثين مليار ريال من ميزانية الدولة، ناهيكم عن توفير وظائف لما يقرب من 115 ألف موظف معظمهم من السعوديين، وتبلغ أعداد الطلاب في المدارس الأهلية بما فيها المدارس العالمية ورياض الأطفال مليون طالب وطالبة، وهو تعداد هائل من الطلاب تتحمله المدارس الأهلية في قطاع التعليم العام. وهي أرقام موثقة، مستقاة من إحصائيات وكالة التعليم الأهلي بوزارة التعليم، ويبلغ عدد الجامعات الأهلية 14 جامعة إضافة إلى 29 كلية جامعية تخرِّج عشرات آلاف الطلاب والطالبات سنوياً، وذلك موثَّق أيضاً.

وإن كنت كتبت كما كتب غيري عن استحقاق هذه المؤسسات التعليمية جميعاً لمعونات سخية ومنتظمة من الدولة في الظروف والأحوال الاعتيادية فمن باب أولى أن يشملها أمر خادم الحرمين الشريفين بصرف 60% من رواتب 70% من موظفي القطاع الخاص ضمن برنامج «ساند»: (التأمين على التعطل عن العمل)، واستثنيت من هذا الدعم بعض القطاعات كالبنوك وشركات التمويل والأسواق المركزية للتموينات وقطاعات أخرى ليس منها المؤسسات التعليمية، ما يعني أن هذه المؤسسات مشمولة بهذا الدعم الكريم نظاماً، وهو أمر بدهي لا يختلف عليه اثنان؟.

وقد بيّن رجل العلم والأعمال الدكتور عبد الله بن صادق دحلان في مقالة له بصحيفة عكاظ بعنوان «استبعاد المدارس والجامعات الأهلية من دعم ساند» نُشرت بتاريخ 12 أبريل 2020 م، بيَّن أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لم توافق على دعم مؤسسات التعليم الأهلي العام والجامعي، رغم أنها غير مشمولة من ضمن القطاعات المستثناة من الدعم، ما أدى إلى أزمة كبيرة تواجهها هذه المؤسسات بمجموعها في الوقت الحاضر، لعجزها عن تحصيل رسوم الدراسة من الطلبة المسجلين لديها، ويقدم أولياء الأمور الحجج تلو الحجج بعدم قدرتهم على دفع الرسوم نظراً للأحوال الاقتصادية الراهنة التي سببتها أزمة كورونا وأدت الى توقف بعض الشركات والمؤسسات عن دفع رواتب موظفيها وسوى ذلك من المشكلات المعروفة التي أفرزتها أزمة كورونا، وعدم دفع الرسوم سيؤدي بل أدّى فعلاً إلى تعثر أو عجز المؤسسات التعليمية الأهلية عن دفع رواتب موظفيها الذين يُعدّون بالآلاف، فإن لم يشمل الموظفين دعم «ساند» وهم مستحقون له نظاماً، فمعنى ذلك أنهم لن يكون لهم دخول تؤمِّن معاشهم لمدة غير معلومة، بعد أن مُدِّد حظر التجوال، لأن جهات عملهم عاجزة عن دفع رواتبهم أو جزء منها لعدم سداد الدارسين لما عليهم من رسوم.

وأعتفد جازماً -أنا كاتب هذه السطور- أن هذه المؤسسات الوطنية التي نفخر بها جميعاً لن تبادر أبداً بطي قيد الطلاب الذين لا يسددون رسومهم وإن كان النظام يجيز لها هذا الإجراء، وهو ما حدث ويحدث في المؤسسات التعليمية المدفوعة التكاليف في كل أنحاء العالم ومنها أمريكا رافعة لواء حقوق الإنسان التي يطوى فيها قيد أي طالب لا يسدد رسوم دراسته أو يتأخر في السداد كما أخبرتني ابنتي التي تحضِّر الدكتوراة في أمريكا. وقد ختم د. دحلان مقالته بأمل في أن يعاد النظر في قرار استبعاد المؤسسات التعليمية الأهلية من دعم نظام «ساند» حرصاً على استمرار موظفيها على رأس العمل، وعَرَضَ بديلاً آخر هو تحمُّل الدولة للرسوم المتأخرة للطلاب حتى تزول هذه الأزمة الكبيرة. وأضم صوتي لصوت د. دحلان في الأخذ بأحد الحلَّين، لأن توقف أعمال هذه المؤسسات الأهلية يعني فاقداً تعليمياً هائلاً يصل الى 20%.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store