Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

أفكار إيجابية.. في نواصٍ كورونية (4)

الحبر الأصفر

A A
فِي السّتينيَّات كَانُوا يَقولون: (لَا صَوت يَعلو عَلَى صَوت المَعرَكَة)، والآن نَقول: (لَا صَوت يَعلو عَلَى صَوت «كورونا»)، وطَالَمَا أَنَّ القَوم مُنشَغلِون بِهِ، فدَعونَا نُلبِس هَذا الفَايروس ثِيَابًا أَدبيَّة مِن خِلَال النَّوَاصِي.. فالنَّوَاصِي؛ قِطعٌ أَدبيَّة تُحَاول أَنْ تُؤنسِن الأَشيَاء القَاسيَة، فإذَا كَان «كورونا» مَرضاً مِن الأَمرَاض، وحَلَّ بِنَا، ونَزلَ ضَيفاً عَلينَا، فدَعونَا نَنظُر إلَى الجَوَانب المُشرِقَة مِنه، وأَخيراً نَتمنَّى -طَالَمَا أنَّه ضَيف- أَلَا يُطيل الإقَامَة بَينَنَا، فالعَرَب يَقُولُون: (إنَّ مُدّة الضِّيَافَة ثَلَاثة أيَّام)..!

نَعم، نَحنُ تَشبَّعنا مِن «كورونا» مِن النَّاحية الطّبيَّة والعِلميَّة، ولَكن لَم نَتشبَّع مِنه مِن النَّاحية الأَدبيَّة، ومِن هُنَا جَاءَت هَذه النَّوَاصِي؛ التي تَتلمَّس بَعض الجَوَانِب اللُّغويَّة والمَعرفيَّة فِي «كورونا»، فإليكُم جُزءاً مِنهَا:

* ‏الاهتمَام بالذَّات مَطلُوب هَذه الأيَّام، وهَذا لَيس أَنَانية أَو عَيباً، وفِي ذَلِك تَقول مُضيفة الطَّائِرَة: (ضَع قنَاع الأُكسجين عَلَى فَمّك، قَبل أَنْ تُحَاول مُسَاعدة الآخرين)، ‏وهذا أَمْرٌ مَنطقي، لأنَّكَ إذَا عَجزتَ أنتَ عَن التَّنفُّس، ستَكون عَديم الفَائِدَة لمَن هُم حَولك.. وفِي الدُّعَاء نَقول: (ربِّي ‏اغفر لِي ولوَالِدَيَّ)..!

* هُنَاك أُنَاس تُحب السَّلَف واستدَانة المَال، وهُنَاك أُنَاس تُحب الأَلَم والتَّوتُّر والقَلَق، وإذَا لَم يَجدوا مَا يُحفِّزهم عَلَى القَلَق والتَّوتُّر، بَدأوا يَتسلَّفون ويَستَدينُون مِن المُستقبَل.. ولَكَ أَنْ تَتخيَّل، أَنَّ البَعض مِن حُبِّهِ لمُعَايَشة التَّوتُّر، بَدَأَ يَتحدَّث عَن مَصير العَالَم السّيِّئ والتَّعيس بَعد «كورونا»، ويُوضِّح كَيف ستَكون الدُّنيَا، وشَكل لبَاسهَا الأَسوَد، بَعد انقضَاء هَذا الفَايروس..!

* ‏التَّحديَّات والأَزمَات والصّعُوبَات؛ أَشياءٌ مُحفِّزة عَلَى النِّمو والتَّطوُّر، ونَحنُ نُصبح أَكثَر حَيَاةً ووَعيًا؛ عِندَمَا تُواجهنا المَخَاطر. يَقول المُتألِّق «بابا والندا» -البَهلَوان الذي يَمشِي عَلَى الحَبل- مُعبِّرًا عَن الإبدَاع وَقت المَخَاطر: (اللَّحظَات التي أَقضيهَا فَوق الحَبل، هي التي أَعيش فِيهَا الحيَاة كَمَا يَنبَغي، أَمَّا مَا عَدَا ذَلِك، فهو مُجرَّد انتظَار)..!

* سَعيدٌ لأنَّني ‏استَقيتُ مِن مُفردَات «كورونا»، ‏الفَاعِل واسْم الفَاعِل، وأَخضَعتُهَا لمَقَاييس اللُّغَة العَربيَّة، لِذَلك قُلت: «كَرُنَ» الرَّجُل، عَلى وَزن «كَرُم»، أَي أُصيب بالـ»كورونا»، و»كَرُنَت» المَرأَة، أَي لَمسهَا دَاء «الكورونا».. ورَجُلٌ «كَارِن»، عَلَى وَزن «فَاعِل»، صِفَة لمَن هو مَعزول بسَبَب «الكورونا»، وامرَأَة «كَارِنَة»، أَي فِي العَزل، ورِجَال «كرنَاء»، مِثل كُرمَاء، ونِسَاء «كرنَات»..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي أَنْ نُودِّعكُم، لنَلقَاكُم فِي نَوَاصٍِ قَادِمَات، عَبر الجُمَل والكَلِمَات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store