Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. محمد رشاد بن حسن مفتي

يوم تغيرت الأرض

A A
قبل ظهور فيروس كورونا وانتشاره ليصبح وباءً وجائحة، كانت الأرض بمجتمعاتها واقتصادياتها وتعليمها وحتى نظمها الصحية مختلفة عما هي عليه الآن.

توقفت المصانع عن العمل واصطفت الطائرات على المدرجات ساكنة، وتوقف السفر، وعطلت المدارس والجامعات، وفرغت المكاتب والشركات من موظفيها، وامتلأت المستشفيات بالمرضى والأموات.

في ظني أن ما حدث هز هذا الكوكب هزًا وأجبر سكان الأرض على الهرب لبيوتهم ومنازلهم، إما إجبارًا أو اقتناعًا أو خوفًا وفزعًا.

وعندما انسحب الإنسان وتحصن في منزله، شهدنا في بعض الدول خروج الحيوانات البرية من أسود ودببة ووعول، تغزو شوارع المدن بعد أن خلت لها، تجول فيها وتصول.

ظهرت قبل هذا الوباء أوبئة مثل الايبولا وسارس وميرس وكورونا القديمة، وغيرها.. ولكن لم تتوقف أو تتعطل الحياة، كما يحدث الآن.

ولهذا اخترت لهذه المقالة عنوان (يوم تغيرت الأرض)، والسبب واضح وهو هذا التوقف شبه الكامل، لأهم أساسيات حياتنا.. فلا تسوق ولا ترفيه ولا تنزه ولا سفر ولا مدارس ولا جامعات.. حتى العمل توقف بشكل كبير.

تعطل الاقتصاد وزادت البطالة في بعض الدول.. ما حدث قد يستمر لفترة لا يعلمها إلا الله، إلى أن يتمكن الإنسان (بإرادته سبحانه وتعالى) من صنع لقاح أو دواء للقضاء على هذا الفيروس الشرس، وبعدها ستعود الحياة على هذه الأرض تدريجيًا.. ولكن؟

هل ستعود الحياة بكل عناصرها كما كانت؟

هل سنخرج من بيوتنا بعد عزلة طويلة ونحن نعاني نفسيًا؟

هل سينتعش الاقتصاد المحلي والعالمي بسرعة، أم سيتأثر ويؤثر فينا لفترة طويلة؟

هل نبدأ في السفر والترحال عالميًا أو داخليًا، أم سننتظر خوفًا وخشية من أن يعود هذا الوباء الخبيث مرة أخرى؟

هل نحتاج لإعادة تدريب من توقف عن العمل لفترة طويلة، لاكتساب مهارات فقدوها أو اضمحلت، مثل الطيارين الذين جثمت طائراتهم بلا حراك على المدرجات.

هل يعود التعليم كما كان أم سنستفيد من تجربة التعليم عن بعد، في مساندة العملية التعليمية بشكل أكبر (وإن فقد طلابنا ومدرسونا، خلال فترة العزل ميزة الاحتكاك المباشر فيما بينهم).

هل سيستفيد القطاع الصحي في كل العالم من هذه التجربة في التعامل، مستقبلًا مع أي وباء (لا سمح الله)، بحثًا وتقصيًا؟

وهل تصبح المستشفيات في العالم أكثر سعة واستعدادًا؟

هناك تغيرات كثيرة حدثت خلال فترة انتشار الجائحة، سنستفيد منها بلا شك.. ولكن السؤال: هل سنعود كما كنا، قبل الجائحة، اجتماعيًا واقتصاديًا وحياتيًا وتعليميًا، وصحيًا.

أشك في ذلك، فقد تغيرت الأرض، يوم أن انتشر فيروس كورونا على كوكبنا وفتك بأجسامنا.

اللهم نسألك اللطف بنا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store