Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز معتوق حسنين

إنتاج اللقاح للداء طويل المدى

A A
«ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء».. حديث صحيح.. لذا علينا البحث لمعرفة هذا اللقاح لهذا الداء.. قليل منا من يستوعب ويدرك مدى الجهد والعلم والمال والزمن الذي يبذل علميًا قبل التسجيل والسماح لأي لقاح جديد من الظهور في الأسواق للوصف الرسمي العلمي من قبل الأطباء لقاحًا لمرض معين.

لا يوضع أي لقاح جديد في الأسواق في متناول الأطباء بكل ثقة واطمئنان إلا بعد التأكد من عدة شروط من أهمها أن اللقاح الجديد فعال وغير مضر.. وأن هذا اللقاح الجديد قد أثبتت جدوى إيجابياته.. وأهم من ذلك أن اللقاح الجديد بالنسبة للمرض المعني بالداء فوائده يجب أن تزداد بنسبة 95% عن سلبياته، لإثبات هذه الشروط يتعرض اللقاح لأربعة مراحل تجارب سريرية (إكلينكية)، تسمى هذه المراحل علميًا في علوم الأبحاث بالمرحلة الأولى والثانية والثالثة والرابعة.. فإذا قيل أن اللقاح قد تعدى المرحلة الثانية يفهم من ذلك عن وضع اللقاح العلمي الزمني قبل أن ينال تصريح ترويجه في المجتمع وإعطائه للوقاية من الأصابة بالمرض.. هذه المراحل هي على النحو التالي:

المرحلة الأولى تبدأ بعد إثبات فعالية اللقاح في المختبرات على الحيوانات فقط بتجارب عديدة وطويلة من قبل عدة جهات علمية بحتة، بعد ذلك يقدم اللقاح الجديد لهيئات علمية حكومية لضمان خلوه من مضاعفات سرطانية وعضوية وتسممي وفقًا للائحة وضعت من قبل جهد مشترك بين منظمة الصحة العالمية (WHO) والوكالة الأمريكية الفيدرالية للأدوية (FDA) والوكالة البريطانية لمراقبة الأدوية (MCA).. يعرض اللقاح في هذه المرحلة الأولى لتجارب على مجموعة من المتطوعين الأصحاء غير المصابين بالداء.. وعادة في هذه المرحلة عدد المتطوعين لا يزيد عن مائة شخص رجالا ونـسـاءً (متساوين في العدد).. عند إثبات أن اللقاح خالي من مضرات معينة على هذه المجموعة من المتطوعين الأصحاء ينتقل اللقاح إلى المرحلة الثانية.. ومدة المرحلة الأولى تستغرق ما بين ستة إلى اثني عشر أسبوعًا.

أما المرحلة الثانية فهنا تجرى تجارب على متطوعين من عدد يفوق الألوف الأصحاء.. وتجرى التجارب من قبل مراكز محايدة ونتائج تجاربهم تكون سرية بعضهم عن بعض.. وعدد المشتركين من الأصحاء في هذه المرحلة من التجارب يجب أن لا يقل عن مائتي متطوع ولا يزيد عن ألف شخص، ومدة هذه المرحلة تتراوح ما بين ستة أشهر واثني عشر شهرًا، إذا ثبتت جدوى اللقاح بنسبة لا تقل عن 85% تبدأ المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.

المرحلة الثالثة للتجارب والبحث السريري للتأكد من صحة اللقاح للداء.. هذه المرحلة تعتبر أهم مرحلة من المراحل الأربعة حيث يعطى اللقاح تحت التجارب لعدة آلاف من المرضى المتطوعين بشرط أن يشملوا أعمار مختلفة من نساء ورجال ويكونوا مصابين بالداء المعني في مراحله المختلفة، وتنفذ هذه المرحلة في مراكز علمية تطبيقية تحت إشراف وإدارة منظمة الصحة العالمية وتتراوح المدة ما بين سنة إلى خمسة سنوات، وفي حالة نجاح اللقاح الجديد من تجارب المرحلة الثالثة تقوم الشركة المنتجة بتقديم طلب رخصة تسويق اللقاح ووضعه في متناول الأطباء للوصف للمرض المعني وهي المرحلة الرابعة والأخيرة.. وعادة ما تقدم طلب الرخصة إلى الوكالة الأمريكية الفيدرالية للأدوية (FDA) والوكالة البريطانية لمراقبة الأدوية (MCA).. وهاتان الوكالتان تشترطان من الشركة المنتجة تقديم جميع الوثائق والمستندات والنتائج الدالة على نجاح اللقاح في مراحله الثلاث من التجارب السريرية، وعندئذ تقوم الوكالات بدراسة ما قدم لها من الشركة المنتجة، وتكون مدة دراسة الوكالة الأمريكية الفيدرالية للأدوية حوالي سنتان حتى تصدر قرارها سلبيًا كان أم إيجابيًا، أما الوكالة البريطانية فهي أكثر حرصًا في دراستها التي تستغرق ثلاث سنوات.. في حالة فوز اللقاح على الرخصة من الوكالة الأمريكية يصبح اللقاح مصرح تسويقه في

الأمريكيتين فقط وبعض دول آسيا وأفريقيا.. وتتولى مسؤولية هذه المتابعة وزارات الصحة في كل دولة يشترط عليها من قبل الوكالات المذكورة بإعداد تقارير عن أي ملاحظات قد تنتج من استعمال اللقاح، وترفع هذه التقارير إلى المنظمات الثلاث السالف ذكرها مما قد تؤدي لسحب اللقاح من الأسواق حسب قرار يصدر من هذه الوكالات ويعمم على جميع وزارات الصحة حول العالم.

هذا هو الوضع العلمي والإداري العالمي لأي دواء أو لقاح جديد يعطى للبشر والعاقبة هي على وزارات الصحة في متابعة استعمال اللقاح وصحته للداء وإعداد التقارير المطلوبة منها ورفعها للوكالات الرسمية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store