Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

المرتزقة وتدنيس الأوطان!

A A
لا يمكن للإنسان أن يكون له بيت يسكن فيه إذا لم يكن له وطن، تمتد جذوره في عمق تربته!

ممكن أن يكون للإنسان أكثر من بيت في أكثر من وطن خارج وطنه، لكنه يظل فيها غريبًا مهما طال به الأمد!

الوطن هو التربة التي تمتد جذور المرء فيها، هو المظلة الكبيرة التي يحتمي تحت ظلها، ويأوي إليها كلما كلت قدمه من اللف والدوران بين البلدان!

مهما فقد الإنسان من أحبته، وواراهم تحت الثرى، يبقى له الوطن، يحتمي بأرضه وسمائه، ينعم في أمنه، الوطن هو الحضن الدائم الذي يضم الإنسان حيًا وميتًا.

كيف يمكن للإنسان أن يستهدف وطنه بالأذى والارتماء في حضن أعداء وطنه، يستدعيهم ويمدهم بالأسرار ويمنحهم قوة الدعم كي يعيثوا فيه فسادًا؟!

رأينا نماذج كثيرة من خونة الأوطان، يرتمون في حضن الشيطان، يستعدون الآخرين على أوطانهم في كل مناسبة ومحفل، ويستخدمون كافة الوسائل ويحولونها إلى أبواق معادية لأوطانهم، رغم أن حياتهم بلا كرامة ويعيشون متسولين على معونات الآخرين، مقابل عدائهم لأوطانهم.

رأينا نماذج من أولئك الخونة تسببوا في خراب أوطانهم، بالاستعانة بأعدائها، حتى تم تدميرها بالكامل، مقابل تولي تلك الشرذمة من الخونة أمور أنقاض أوطانهم، لكنهم للأسف فشلوا ولازالوا يفشلون كلما استعانوا بأعداء أوطانهم كما حدث في العراق عندما استعانوا بأمريكا وبعدها إيران!

اليوم يتكرر النموذج في ليبيا، يستعين السراج ومن معه بتركيا وقطر، للقضاء على مواطنيه، لست منحازة لفريق من الفرقاء دون آخر، ولكن هناك فرقًا بين من يحاول القضاء على المتطرفين، الذين يجدون في الثورات مجالاً لتحقيق أهدافهم، كما حدث في الثورات العربية في مصر والعراق وسوريا وليبيا واليمن، ومن يستعين بالمرتزقة للانتصار على أبناء وطنه!

ما يحدث الآن على أرض ليبيا، يشوه صورة الثورة الليبية المجيدة ضد الاحتلال الإيطالي، لأن الشعب كله حينها وقف متحدًا ضد احتلال عدو فاشي، وضع قدمه القذرة على أرض ليبيا عام 1911م، عندما كانت تحت الحكم العثماني، لكن تركيا تخلت عن حكمها وتنازلت عن ليبيا لإيطاليا بمقتضى معاهدة، «أوشي»، في 18 أكتوبر 1912م.

هي هذه النعرة التوسعية التي تشبث بها أردوغان، وأحلام استعادة الدولة العثمانية، تدفعه لوضع قدم في كل أرض يصطرع عليها أبناؤها، بدلا من الوقوف صفًا واحدًا في وجه احتلال أراضيهم وتدميرها بأقدام مرتزقه يعيثون فسادًا في أي أرض تطؤها أقدامهم.

استعدت نضال الليبيين ضد المحتل الإيطالي، وأنا أتابع ما يحدث في ليبيا منذ بدء الصراع على السلطة، وبدء الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد، بدلا من العمل على بناء ليبيا بعد الثورة ورحيل القذافي، مما سمح للآخرين بالتدخل، وجلب المرتزقة تدنس أرض ليبيا.

ما يحدث على أرض ليبيا والفرقة بين أبناء الوطن الواحد والاقتتال تحقيقًا لأطماع شخصية، والتضحية بأرضهم وكرامة شعبهم، والارتماء في أحضان أعداء أوطانهم، تركيا التي تنازلت عن وطنهم للمحتل الإيطالي، وقطر التي تدعم المليشيات المتطرفة، وروسيا التي تطمع في نفطهم.

للأسف ما يحدث في ليبيا، وصمة عار في تاريخ النضال الليبي، تاريخ نضال الليبيين ضد الاستعمار الفاشي، النضال الذي تعرفنا عليه من خلال السينما، والفيلم التاريخي «عمر المختار»، الذي أعطى أجمل وأنقى صورة للوطنية، ولتقديم الروح فداء للوطن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store