تدور الأيَّام، لتعود (حليمة لعادتها القديمة)، والغالبيَّة منَّا لتقول: ﴿يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾. ويناشد الحكماء منَّا المجتمع الدولي ليحول دون ضمِّ الصهاينة ما حول ضفتي غور الأردن الذي تبقَّى من فلسطين بعد أن وقِّع الرئيس ترامب بالخط العريض على «حقِّ الصهاينة» بالأرض العربيَّة، مماثلة بلفور، وزير خارجيَّة بريطانيا العظمى بمنحه اليهود أرض فلسطين لإقامة دولتهم فوق ترابها العربي.
أيَّام قليلة، ويستكمل رئيس دولة الصهاينة إجراءات الضمِّ وتوثيقه لدى الأمم المتَّحدة للحصول على اجماع دولي من مجلس الأمن في تثبيت ما استولوا عليه من أراض لم يكن لليهود فيها أكثر من نسبة مئوية أقلَّ من عدد أصابع اليدين من عدد سكَّانها العرب المسلمين والمسيحِّيين قبل مئة عام من اليوم.. تمَّ لهم ذلك بعد أن تمكَّن قادة الغرب الغادرون من تمزيق سدى الأمة العربيَّة ولحمتها، وتقطيع أوصالها إلى دويلات كقطع الشطرنج، يحرِّكها من يدير العالم اليوم اقتصاديُّا وسياسيًّا و(كورونيًّا) برعاية الصهيونيَّة العالميَّة وتوجيهها بعد أن نقلت مركز نشاطها من بريطانيا إلى الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة باعتبارها القوَّة الأعظم!
هذا الضم لن يكون الأخير، فالصهاينة يخطِّطون لقيام دولة محاطة بالمياه من نهر النيل غربًا إلى نهر الفرات شرقًا، ومن مياه البحر الأسود شمالًا إلى مياه بحر العرب جنوبًا.. ولاعتقادهم بتنفيذ خططتهم، يصرحون بذلك علنًا ببياناتهم.. ويتجلَّى ذلك في خطَّي علمهم الأزرقين من (نهر النيل غربًا إلى الفرات شرقًا).. ولأنَّهم ليسوا في عجلة من أمرهم، فتراهم يراهنون على المستقبل... ولو تحقَّق لهم ما نراه حلمًا اليوم، فحالنا لن يكون بأحسن من حال أسلافنا في الأمس، بعد رحيل أبي عبدالله الصغير عن غرناطة، وانتهاء الوجود العربي في ديار الأندلس؛ الفردوس المفقود، ليبقى منه: (لا غالبَ إلَّا الله) فقط، تزيِّن الجدران التي لم تستطع أن تحرِّك الوجدان.. فهل: مَن شابه أسلافه ما ظلم! وهنا مكمن مأساتنا.. أم صرخة حقٍّ لإنهاض الضمائر والهمم! والأيَّام دواليك، ودروسً وَعبر.. فنصر الله القريب مرتبط بسببه: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرُكُمْ﴾.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
