Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

لعودة آمنة للمدارس

بل من الممكن أن تكون الدراسة على فترتين للطلاب، والعمل بنظام التعاقد الجزئي للفترة المسائية.. وفي المدارس الثانوية من الممكن تحديد أيام خاصة للمواد النظرية.. تقدم للطلاب (عن بعد) وتبقى فقط المواد العلمية التي تحتاج إلى مختبرات ومعامل للحضور مثلاً 3 أيام في الأسبوع لتطبيق المعايير الصحية والتباعد الجسدي.

A A
في لقاء قمة العشرين G20 لوزراء التعليم الذي استضافته المملكة افتراضياً أكد معالي وزير التعليم حمد آل الشيخ بضرورة العمل معاً لإعداد الأنظمة التعليمية للتعامل مع الأزمات المستقبلية ومنها الاستثمار في البنية التحتية والتعليم الإلكتروني.

وحقيقة تعد التجربة السعودية في (التعليم عن بعد) من أفضل التجارب وقدمت حلولاً تتناسب مع الأزمة بإيجاد منصة إلكترونية وتقديم الآلاف من الدروس في الفصول الافتراضية، وحوالى 20 قناة تلفزيونية تعليمية، ودروس مسجلة لجميع مراحل التعليم. وحتماً فإن هناك تقييم للتجربة من ذوي الاختصاص في مراقبة العملية التعليمية من أخصائي التقنيات التعليمية، والمشكلات التعليمية التي نتجت عن طريق التدريس عن بعد، ومشكلات الأنترنت، وخصوصاً للتخصصات العلمية التي تحتاج إلى مختبرات ومعامل. بل ما ثبت من رصد لحالات تلاعب وغش في الاختبارات التحصيلية للثانوية العامة.. حيث نحتاج إلى تقييم علمي دقيق حتى نتلافى تلك المشكلات مستقبلاً..

ومن وجهة نظري لا يمكن أن يحل التعليم عن بعد محل التعليم المدرسي خاصة في المراحل الأولية للتعليم كرياض الأطفال، والابتدائي والمتوسط، لأنها سنوات التأسيس للشخصية؛ فهناك عناصر مهمة في حصول التعلم يتطلبها الموقف التعليمي ومنها: التواصل البصري مع المعلم، واستخدام المعلم لأساليب التشجيع، وتفهم مشاعر الطلاب واحتياجاتهم، ومراعاة الفروق الفردية بينهم، بل إن استخدام التلميحات والإيماءات وتعابير الوجه للتعبيرعما يريده المعلم؛ وسائل لا يمكن أن تحدث في الفصل الافتراضي.. فهي أساليب لشد الانتباه، وتعزيز الإجابات، بل يستطيع المعلم مشاهدة ردود الأفعال على وجوههم في حالة عدم الفهم أو الاتقان لمهارة معينة فيبدأ بالتعديل والتغيير في طريقة تدريسه أو تغيير الوسيلة، وعلى العكس في التعليم عن بعد لا يرى المعلم ردود الأفعال ولغة الجسد التي تعطي إشارات كبيرة للمعلم، بل من خلال التعليم عن بعد يفقد الطلاب روح التنافس لتعزيز قدراتهم وإبداعاتهم..

بل إن من مساوئ التعليم عن بعد الانعزالية وبعد الطلاب عن المدرسة مما يجعلهم مهددين بمشاكل نفسية كبيرة منها: الانطواء، والاكتئاب، والعنف خاصة عند الأطفال المعزولون في أماكن ضيقة وحجرات صغيرة لا تستوعب طاقاتهم.. وعدم قدرة الأسر على تحمل مسؤوليتها في التعليم والتدريس. فإذا أضفنا إلى ذلك عدم استخدام مهارات التفكير العليا كالتقويم، والتحليل، والتركيب والاكتفاء بالتذكر، والفهم مما يصيب الإبداع الفكري في مقتل.. ويهدد رأس المال البشري الذي نعول عليه في البناء والتنمية..

وفي اجتماع عقد لمنظمتا اليونسكو واليونيسيف والبنك الدولي تبين أن هناك 99 دولة قد فتحت مدارسها منها: بريطانيا وفرنسا واليابان ويمكن الاسترشاد بتلك التجارب العالمية في فتح المدارس لدينا.. ومنها: أن تكون العودة تدريجياً، وأن تتبع إجراءات وقائية صارمة منها: تقليل حجم الطلاب في الفصول، وإيجاد مساحات متباعدة، ووضع حواجز صغيرة بين الطلاب بالإضافة إلى البروتوكولات الصحية وقواعد النظافة وتعقيم الفصول والمطعم، والمختبرات، والساحات، وبروتوكولات النظافة الشخصية مثل غسيل الأيدي بالصابون وغيرها..

بل من الممكن أن تكون الدراسة على فترتين للطلاب، والعمل بنظام التعاقد الجزئي للفترة المسائية.. وفي المدارس الثانوية من الممكن تحديد أيام خاصة للمواد النظرية.. تقدم للطلاب (عن بعد) وتبقى فقط المواد العلمية التي تحتاج إلى مختبرات ومعامل للحضور مثلاً 3 أيام في الأسبوع لتطبيق المعايير الصحية والتباعد الجسدي.

لن نحقق أهداف التنمية المستدامة وهو الهدف 17 بحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة «اليونسكو» بالتعليم عن بعد؛ حيث أن المهارات الاجتماعية، والتفاعل العاطفي، والتعاون، والتفاوض، والتواصل مهارات ضرورية لا يوفرها إلا التعليم المباشر لأنه يعتمد على الحوار والمناقشة؛ والابداع؛ والتفكير الناقد كل ذلك توفرها المدرسة الحقيقية وليس الافتراضية.. فهل نعود بحذر؟!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store