Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

جامعة المؤسس: وُلدت مستقلة

A A
من المعلوم أن جامعة المؤسس -جامعة الملك عبدالعزيز- بدأت جامعة أهلية خاصة بجهود بعض رجالات الوطن المخلصين عام 1387هـ - 1967م، الذين قدموا تبرعات سخية من أموالهم إضافة إلى الأرض التي مُنحت من آل السليمان لتكون مقرًا للجامعة (ولم تزل حتى الآن)، فأصبحت جامعة الملك عبدالعزيز التي تشرفت بإطلاق اسم المؤسس عليها أول جامعة أهلية في المملكة، وأول جامعة في جدة، بعد أن سبقتها جامعات أخرى في الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة، وكانت بعضها كليات وأصبحت جامعات فيما بعد، ويمكن اعتبار جامعة المؤسس أول جامعة مستقلة كذلك، فقد قامت على تبرعات ودعم الأهالي، وبدأت بعض برامجها التعليمية بقيام كلية الاقتصاد والإدارة التي تسمى أيضًا: أساس جامعة المؤسس، تحت مظلة وزارة المعارف في ذلك الوقت، إلى أن أمر الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- بجعلها جامعة حكومية تتكفل الدولة بكل تكاليفها المالية.
وفي الأسبوع الماضي، أعلن معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ موافقة المقام السامي على تسمية ثلاث جامعات، لتكون أولى الجامعات التي يُطبق عليها نظام الجامعات الجديد هي: جامعة الملك سعود في الرياض، وجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل في الدمام، وأول مرتكزات النظام الجديد (الاستقلالية المنضبطة)، التي تتيح للجامعات مساحة واسعة من التحرر من الضوابط الإدارية والمالية المتبعة في الوقت الحاضر، ويمكنها من بناء لوائحها الأكاديمية والمالية والتنظيمية، واقرار تخصصاتها وبرامجها وفق الاحتياجات التنموية وفرص العمل المتاحة في منطقتها خاصة، والمملكة عامة، وفق السياسات العامة التي تقرها الدولة من خلال مجلس شؤون الجامعات، ومن هنا يبرز مصطلح (الاستقلالية المنضبطة)، إذ يختص مجلس شؤون الجامعات بإقرار السياسات والإستراتيجيات للتعليم الجامعي، وإقرار قواعد ترشيح رؤساء الجامعات، وإقرار اللوائح المنظمة للاستثمار والإيرادات الذاتية واللوائح التنظيمية للجامعات الأهلية والتوصية بالموافقة على إنشاء الجامعات وفروعها.. وفي إطار هذه السياسات والقواعد والإستراتيجيات تتحرك الجامعات بوصفها مؤسسة تعليمية ذوات صفات اعتبارية مستقلة.. ويعلم ذوو الخبرة في الجامعات السعودية أن جامعاتنا بشكل عام، والأقدم منها بشكل خاص، لديها من الخبرات والإمكانيات ما يمكنها من الاستقلالية التامة في بناء لوائحها الأكاديمية والمالية والإدارية، وإقرار تخصصاتها وبرامجها التعليمية والبحثية والمتعلقة منها بخدمة المجتمع.. ويبقى التحدي الكبير في توفير إيرادات الجامعة اللازمة لتنفيذ خططها التشغيلية، ويظن البعض أن الجامعات ستستقل ماليًا وتوفر كل تكاليفها من اليوم الأول لاستقلالها، والواقع أن تمويل الدولة رعاها الله للجامعات سيستمر عن طريق الإعانات المخصصة لها، على أن تغطي الجامعات جزءًا من إيراداتها بوسائل عدة ذُكرت في النظام مثل: المقابل المالي للبرامج الدراسية والدبلومات والدورات والخدمات المختلفة والتبرعات والهبات والمنح والوصايا والأوقاف، وريع الأملاك واستثمارات الجامعة وأوقافها، وموارد مالية أخرى يقرها مجلس الأمناء في كل جامعة، ومبالغ مقابل التعاقد مع جهات حكومية أو خاصة، والخدمات البحثية والاستشارية، وأعتقد جازمًا أن التجربة ستنجح -إن شاء الله- في الجامعات الثلاث الأوائل، ومنها جامعة المؤسس التي (ولدت مستقلة) وفيها من المقومات العلمية والمالية ما سيتيح لها بإذن الله تغطية جزء مناسب من تمويلها، ففيها برامج مدفوعة عدة في تخصصات مختلفة يمكن التوسع فيها، ولا شيء يمنع من عودة الانتساب والتعليم عن بعد، والتوسع في خدمات معهد البحوث والاستشارات وبرامج الوقف، وإنشاء الشركات التجارية، مثل شركة وادي جدة، والتوسع في عقد الشراكات مع القطاع العام والخاص، وشيئًا فشيئًا ستتحقق الاستقلالية التامة -إن شاء الله- في كل الجامعات الحكومية، ولن يتحقق ذلك إلا بعون الله تعالى وإسهامات رجال الأعمال والموسرين والمانحين والموقفين للجامعات.. وكل ما سيقدمونه سيكون لهم بإذن الله صدقة جارية وعلمًا ينتفع به، وتنشئة أبناء صالحين يدعون لهم إن شاء الله.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store