Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

فك التداخل بين النقل والبلديات

A A
يلجأ المواطنون إلى البلديات في مدنهم ومحافظاتهم لتوفر لهم مطالبهم المشروعة، ومن تلك المطالب مطلب السفلتة، وهذا المطلب بالذات جاء بسبب ما ترسخ في ذهنياتهم بأن سفلتة الطرق (الفرعية) أيًّا كان موقعها هي من اختصاص البلديات وحدها، وغاب عنهم أن هناك حدودًا مكانية تتوقف عندها خدمة السفلتة التي تقوم بها البلديات، وهذه الحدود المكانية هي ما يُعرف بـ(النطاق العمراني)، الذي هو بحسب يوسف الفراج في مقال له بصحيفة الاقتصادية «سياسة لتوجيه وضبط التنمية العمرانية من خلال تعيين الحدود الملائمة لتوطين الأنشطة الحضرية، واستيعاب النمو العمراني خلال فترة زمنية محددة، وتوفير الخدمات والمرافق العامة لتحقيق أعلى قدر من الكفاءة الاقتصادية للموارد المتاحة للوصول إلى الحجم الأمثل للمدن والقرى».

وعلى هذا فلكل بلدية نطاقها العمراني الذي تتركز خدماتها فيه، وحينما يأتي مواطن ويطالب بخدمة السفلتة لطريق ما خارج النطاق العمراني للبلدية يأتي رد البلدية بأن مكان الخدمة المطالَب بها يقع خارج النطاق العمراني للبلدية، وأن هناك جهة مخولة بالسفلتة في ذلك المكان هي وزارة النقل، ومع أن رد البلدية واضح، (ومع أنها سفلتت العديد من الطرق خارج النطاق العمراني)، إلا أن المواطن لا يرى وجاهةً لهذا الرد؛ كونه يعتقد أن البلدية هي المسؤولة عن سفلتة كل شبر في المحافظة. ولو أن المواطن ذهب لفرع وزارة النقل في محافظته فلربما يجد الفرع ينفي أي صلة له بالسفلتة، وأن دوره ينحصر في إصلاح أضرار بعض الطرق وفتح بعض الطرق الترابية، وأن السفلتة مسؤولية البلدية، فيعود من الجهتَين بخفي حنين.

فيما مضى سمعنا كثيرًا رد البلديات بأن سفلتة الطرق التي خارج النطاق العمراني ليست من مسؤولياتها، وكم مرة أكد رؤوساء البلديات على هذا الأمر استنادًا -بحسب المقال السابق- على قرار مجلس الوزراء رقم (١٥٧) وتاريخ (١١ /‏ ٥ /‏ ١٤٢٨هـ) القاضي بالموافقة على قواعد تحديد النطاق العمراني حتى عام (١٤٥٠هـ) التي حلت محل قواعد النطاق العمراني الصادرة عام (١٤٠٩هـ)، غير أن هذا الأمر يبدو أنه كان غائبًا -أو مغيَّبًا- عن أذهان المواطنين، ولذا كثُرت تذمراتهم من البلديات كلما سمعوا عبارة (خارج النطاق العمراني)، حتى صدر قبل أسابيع قرار مجلس الوزراء-

القاضي -حسب واس- بأن «يكون اختصاص الطرق المنفذة والمستقبلية الواقعة داخل النطاق العمراني لوزارة الشؤون البلدية والقروية وضمن مسؤولياتها، ويكون اختصاص الطرق المنفذة والمستقبلية الواقعة خارج النطاق العمراني لوزارة النقل وضمن مسؤولياتها»، وهو القرار الذي جاء ليُكَمِّل القرار السابق، ويفصل في التداخل بين مسؤوليات البلديات وفروع النقل في المدن والمحافظات. ويبدو أن الغاية من النطاق العمراني هي توجيه الخدمات وتركيزها على نطاق محدد بدلاً من تشتيتها؛ بحيث تُكثَّف الخدمات في هذا النطاق، وبالتالي تزيد حركة الشراء والتعمير في الأراضي التي داخله.

ويبقى السؤال: ألا يمكن أن توسع البلديات مجال النطاق العمراني إذا لزم الأمر؟ وهل ستفي البلديات -بعد الفصل بين مسؤولياتها ومسؤوليات النقل- بواجباتها الأخرى داخل النطاق العمراني مادام أنها أُعفيت من سفلتة الطرق خارجه؟ وهل ستقوم فروع النقل -وخاصة في المحافظات- بمهامها خارج النطاق العمراني -وخاصة السفلتة- بعيدًا عن نغمة إحالة المواطن على البلديات؟ هذا ما يقتضيه القرار، وبالتالي فلا حجة بعد اليوم لفروع النقل في عدم سفلتتها الطرق الواقعة خارج النطاق العمراني.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store