.. منذ أن وطأت قدما الجنرال «أدمون اللنبي» قائد القوات البريطانية باب يافا بمدينة القدس عام 1917، وإلى يومنا هذا وملفات القضية حُبلى بالكثير من المتناقضات والمتشابهات والمتغيرات والمآلات.
ولضيق المساحة سآخذ خيطاً رفيعاً من بعض ذلك..!!
*****
.. في جغرافيا القضية: كنا نتحدث عن كامل الأراضي الفلسطينية، ثم أصبحنا نتحدث عن الأراضي المحتلة بعد حرب 1948، ثم الأراضي التي احتلت بعد نكسة 1967...!!
*****
.. وفي مصطلحات القضية: أول ما كنا نقول «تحرير فلسطين»، وكنا نقول أيضاً «باللاءات الثلاث: لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض»، ثم عدنا لاختزال المصطلح في «استعادة الأراضي المحتلة بعد 67».
وحين وهن العظم والعزم بدأنا نتحدث عن: «التعايش السلمي» و»الأرض مقابل السلام» و»عملية السلام» و»اتفاقات السلام العربي الإسرائيلي»...!!
*****
وكنا نسكب من ثرى القدس حسًا وهاجًا في عروقنا.. ونحن نتحرق بـ«أخي جاوز الظالمون المدى».. فخضنا حرب ٤٨ وحرب ٦٧ وحرب ٧٣.. لكن بعدها غاب الحس وغبنا وتغيبنا وغُيبنا.. ولم ينقذ الوجوه المدفونة في الرمال إلا ثورة أطفال الحجارة عام ١٩٨٧.. ثم في انبطاح «سلام الشجعان» انتهت البقايا.. ولا أدري إن كان عرفات ورفاقه قد استسقوا أغصان الزيتون أم أحرقوا كل الشجر...؟!!
*****
.. وكنا نقول «العدو المحتل» و»العدو الغاصب»، وإذا بعرفات النضال يصافح رابين ويزور عائلته بعد اغتياله، ويحضن أطفاله ويُقبِّل كفَّ زوجته لينا، ويقول لها «أختي»، ويقول عن رابين بأنه «فقد صديقاً».. وكرَّر مثل هذه الحميمية الدافئة مع بيريز وبعض حاخامات اليهود.
وزاد ذوبان الجليد أكثر تلك المصافحات التاريخية بين عيزر وايزمان والملك حسين، وبين بيجن والسادات.. ثم ذلك المشهد الدراماتيكي للرئيس العربي وإسحاق رابين وهما يتبادلان إشعال السجائر في جو ودي مثير..!.
*****
.. وفي «أوسلو» عام 1993، كان دقُّ الإسفين في نعش المواجهات وربما العداوات ما بين العرب وإسرائيل.
(فهنا) أول مصافحة وأول محادثات مباشرة بين الرئيسين الفلسطيني والإسرائيلي.. و(هنا) عرفات يعلن مجموعة من المتغيرات:
1- «الاعتراف بإسرائيل».. وهذا سيلغي مصطلح (الاحتلال) الذي ضحينا من أجله بدماء الشهداء.
2- «تطبيع الحياة».. أي إقصاء مصطلح (العدو) والتعايش معه بسلام.
3- «رفض العنف والإرهاب».. بمعنى إنهاء المقاومة الفلسطينية.
وهذه المتغيرات حرص عرفات شخصياً على إبلاغها لرئيس الخارجية النرويجية «يوهان هولست»..!!
*****
.. ونهجت نهج فلسطين كل من مصر والأردن فيما عرف باتفاقات أو معاهدات «كامب ديفيد» 1978 و»وادي العربة» 1994.
ومع مكاسب الدولتين فإن التطبيع والاعتراف يمثل نقاط مفصلية في المعاهدات..!!
*****
.. بعد كل هذا، ماذا بقي من القضية؟، ولها؟.
أعتقد بعد كل هذه السنين كان بإمكاننا أن نحرر فلسطين شبراً شبراً، وأن نعيد بناءها حجراً حجراً.. (لو).. واسألوا عن شياطين (لو) فهم القضية الحقيقية...!!
*****
.. أخيراً.. يا شياطين (لو)، أحرقتم سوريا
والعراق واليمن وبيروت، ولم تطلقوا رصاصة على إسرائيل..
أنتم أصحاب أجندة معروفة، فكفاكم مزايدة على القضية طوال هذه السنين العجاف...!!