Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

الأسرة التيك توكية تستدعي القصيدة الشعرية

الحبر الأصفر

A A
قبل أيام قرأت قصيدة قصيرة وقديمة على أسرة العرفج «التيك توكية»، وبعد قراءتها كانت الأصداء كبيرة والطلبات عليها وفيرة، لذلك لا مفر من نشرها كاملة من خلال نبش الذاكرة.

نعم، قد أكون نسيت معظم الأبيات لأني طلقت الشعر بالثلاث وتبرأت منه وقطعت عنه الماء والكهرباء.. ولم يبقَ في ذاكرتي إلا تلك الأبيات التي صبرت على الحر والبرد والجفاف وقاومت عوامل التصحر، وهذه القصيدة لها قصة أرويها الآن لكم على النحو التالي:

في بداية حياتي الشعرية، وأنا طالب في الجامعة الإسلامية في المدينة المنيرة، كان تيار اليأس يزورني، والإحباط يقرع باب منزلي، والتشاؤم يملأ أحداقي، حينها كنت أقاتل هذه السلبيات بكلمات الله التامات.

في تلك المرحلة كتبتُ نصاً شعرياً وعلقته على جدار غرفتي، لقد كتبتُه أخاطب من خلاله قلبي؛ ولا عجب فهو صديقي، وهذا نص القصيدة:

يَا صَدِيقِي ، لَك ذِكْرَى *** تَمْلَأ الأنْحَاء عِطْرا

أَنْت تَكْوِين لفكرٍ*** فَاجْعَل الْأَفْكَار جِسْرا

فتفاءل وَتَبَسَّم *** وَاكْتُب الْأَحْلَام شِعْرا

وَانْتَظَر طَيَّب اللَّيَالِي *** وَانْشُر الْآمَال نَشْرا

وَتَيَقَّن مِنْ سُرُورٍ *** قَادِمٍ يُحْمَل بُشْرَى

وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ رباً *** وابتهل حمداً وشكرا

إنْ بَعْدَ الْعُسْرِ يُسْرًا *** إنْ بَعْدَ الْعُسْرِ يُسْرا

قُم وَلَا تَيْأَسْ ، فَإِنِّي *** قَدْ رَأَيْتُ اللَّيْلَ فَجْرا

وَرَأَيْتُ النُّور حَوْلِي *** يُجْبُر الْخَاطِر جَبْرا

وَلَمَسَتُ الضَّوْء يَأْتِي *** ساطعاً يَشْرَح صَدْرا

هَذِه دُنْيَاك نشوى *** فاستجبْ شعراً وَنَثْرا

وترقّصْ فِي يَدَيْهَا *** وَانْبَثَق سراً وجهرا

إنَّ هَذَا الْقَلْبِ يهفو *** لِلْعُلَا صبحاً وَعَصْرا

يَا فُؤَادِي كُنّ صَدِيقِي *** فبحالي أَنْت أَدْرَى

دمعتي تَعْصِي عُيُونِي *** شيمتي حباً وَخَيْرا

شَارِع الْعِلْم عَمِيقٌ *** وأَنَا أحفره حَفْرا

وَاقْرَأْ الْكُتْب اللَّوَاتِي *** تُجْعَل الْعَالِم سَطْرا

إنَّمَا الْإِنْسَان حقاً *** مَنْ غَدَا للسطر يَقْرَا

إنْ تَكُنْ دُنْيَاك صُغْرَى *** فَانْتَقَل مِنْهَا لِكُبْرَى

غَيّر الدُّنْيَا بِدُنْيَا *** وَارْتَحَلْ مِنْهَا لِأُخْرَى

امضِ لِلْمَجْد بِجِدّ *** خَطَوة مِنْ بَعْدِ أُخْرَى

سُلَّمِي لِلْمَجْد عزمٌ*** يَجْعَل الصَّحْرَاء نَهْرا

هِمَّتِي تُسَمُّو وتعلو *** و أَرَى الذِّلَّة كُفْرا

اطْلَب الْمَجْد وأشدو *** بِحُرُوف الشَّعْر سِحْرا

كُنْت فِي يَوْمِ فقيراً *** أَشْتَكِي فقراً وفقرا

و أَنَا الْيَوْم غَنِيٌّ *** وَغَدًا فَقْرِي ذِكْرَى

ثروتي قلبي وحرفي *** ثروتي علما وَصَبْرًا

رُبَّمَا كُنْت ثرياً *** غَيْرَ أَنِّي بِك أَثْرَى

رُبَّمَا كُنْت جريئاً *** غَيْرَ أَنِّي بِك أَجْرا

.حسناً ماذا بقي:

بقي القول.. أرجوكم لا تحاكموا هذا النص بموازين النقد فهو كُتب في أجواء غرفة طالب يتلمس طريقه في الحياة قبل تخرجه من الجامعة، يصارع اليأس ويتطارح مع الهموم، ينتصر مرة ويتراجع مرة، وهكذا الدنيا محطات تتلون بين الانتصار والانكسار والإقبال والإدبار والإحباط والإصرار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store