Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

الأعمار تغير الأفكار

A A
قابلني صديق قديم وسلم عليّ سلاماً حاراً وقال: لقد تغيرت كثيراً يا أحمد..! فقلت له: كيف ذلك يا صديقي؟، قال: لم أرَ فيك أحمد الذي كنت أعرفه قبل ربع قرن، فقلت له: حسناً يا صديقي، أنا لم أتغير ولكن الأولويات تغيرت، وحزمة الاهتمامات تبدلت، فأنا من المستحيل أن أكون ذلك الشخص الذي قابلته قبل ربع قرن، إلا إذا كنت أحد أعمدة الكهرباء التي لا تتغير.

ثم نظرتُ إليه بعمق وقلت له: يا صديقي إن الإنسان الأصيل قدمه في الأرض ولكنه يتعالى ويسمو إلى السماء، وتتغير اتجاهاته وتتبدل اهتماماته مع الوقت، جميع الدارسين للسلوك الإنساني يؤكدون أن الإنسان يمر بمراحل متعددة، ولكن من أهم المراحل التي يمر بها هي مرحلة (18- 40 - 60) وسأشرح لك هذه الأرقام بالتفصيل إذا رغبت ذلك.

التفت إليّ واللهفة تخرج من عينيه وقال: بالله عليك عجل إليّ فأنا متلهفٌ لسماع هذه الأرقام وماذا تعني؟ قلت له: إن الدارسين لعلم «السلوك الشخصي» يقولون إن الإنسان في سن الثامنة عشرة تكون تصرفاته مراعية للمجتمع ويحسب حساب الجميع ويبحث عن رضاهم، فلا يخرج إلا بكامل زينته ولا يرمي الكلمة إلا بعد وزنها، ويستمر في ذلك ظناً منه أن الناس يراقبون تصرفاته وأنهم يرصدون تحركاته حتى يصل إلى الأربعين، فإذا وصل الأربعين تغيرت النظرة حيث يصبح غير مبالٍ ويتصرف كما شاء ولا يلتفت للآخرين ولا يحسب حسابهم، ويستمر كذلك حتى يصل إلى الستين، فإذا وصل إلى الستين اقتنع أنه كان مخطئاً لأنه لم يكن أحد يرصد تصرفاته ولم يكن أحد يلتفت إليه عندما كان في السن 18، بل في الأربعين أيضاً لم يكن أحد يأخذ له حساباً أو يعتبر له اعتباراً.

حسناً ماذا بقي:

بقي القول: أيها الناس تأكدوا أن جميع من حولكم ليس بالضرورة أن يكونوا تغيروا، ولكن اهتمامات الإنسان تغيره، فالشاب المراهق الذي يبحث عن اللهو واللعب عندما يكبر وينضج سيبحث عن لقمة العيش الكريمة والوظيفة الهانئة، وعندما يكبر قليلاً ويتجاوز الأربعين سيكون بحثه عن الصحة وكيف يربي أبناءه وكيف يحافظ على تماسك أسرته، وهكذا يبقى الإنسان كما هو ولكن ما يتغير هو الاهتمامات والأولويات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store