Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

قطاع خاص سعودي 100 % !

A A
· ليس جديداً أن نقول إن القطاع الخاص يُعد رافداً مهماً للحكومات من أجل حل كثير من مشكلاتها الاقتصادية والاستراتيجية، مثل مشاكل البطالة والتوظيف، فهو الرئة التي تتنفس من خلالها المجتمعات نحو تحسين مستويات المعيشة، وتوفير الوظائف المناسبة لطالبي العمل بمختلف شرائحهم، وكلما كانت هذه الرئة سليمة وقادرة على التنفس والإنتاج كانت كمية ما تضخه من أكسجين في دماء المجتمع أكبر وأكثر نفعاً. هذه حقيقة معروفة للجميع ولاشك أن الجهات المسؤولة لدينا عن قطاعات العمل والصناعة والتخطيط مدركة لها، وقد تضمنت رؤية 2030 حلولاً عدة للبطالة، من أهمها صناعة قطاع خاص قوي وداعم للبلاد .

· التوطين واحد من أهم الحلول السريعة التي انتهجتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لحل مشكلة البطالة، وهي تسير بعزم مشكور في هذا الاتجاه من خلال جدولة قصر بعض القطاعات والمهن والمناصب على السعوديين، غير أن هذه الجهود تصطدم للأسف بعائقين كبيرين يقلصان من سرعتها؛ ومن جودة وفعالية نتائجها، العائق الأول هو ضعف الأجور وهي إشكالية جوهرية تجعل من سياسة الإحلال أمراً شبه مستحيل عند الكثير من المؤسسات والشركات الصغيرة، والإشكالية الأخرى هي طول أوقات العمل وتردي بيئته، وهي أيضاً مشكلة منفّرة للشباب، وما لم يتم حل هذه الإشكاليات وغيرها سيظل الكثير من السعوديين عازفين عن هذا القطاع، وسيبقى أصحاب الأعمال متمسكين بالأجنبي الأقل راتباً والأكثر قبولاً بساعات عمل طويلة، وفي هذا استنزاف جائر لموارد البلد وتهميش لطاقاته!.

· دعم القطاع الخاص وإنعاشه أمر مهم جداً من أجل توليد وظائف مقنعة من حيث الأجر العادل، وتحسين ظروفه العامة.. ولا أقصد بالدعم هنا (تحمّل جزء من الرواتب) كما كانت تفعل (هدف) وبعض الصناديق الأخرى التي تقدم دعماً للموظف السعودي دون دعم المؤسسة المشغلة، بل أعني دعم القطاع الخاص نفسه من خلال صناعة قطاع سعودي قوي وقادر على التنفس وحل مشكلاته، وعلى النمو وتوليد الوظائف بمعزل عن الإنفاق والدعم الحكومي المباشر.. ويتم ذلك من خلال إنشاء شركات عملاقة في القطاعات المهمة مثل قطاع البناء والطاقة والبيع بالتجزئة والزراعة، تتولى تدريب الشباب وتوظيفهم، تماماً كما فعلت أرامكو وسابك في قطاعي النفط والبتروكيماويات، على أن يتم تحفيز هذه الشركات وغيرها من الشركات الملتزمة بحِزمٍ كبيرة ومغرية من القروض والإعفاءات الضريبية والإدارية والتسهيلات اللوجستية التي تُربط بحجم ما تقدمه من وظائف للسعوديين، وصولاً لشركات سعودية 100% تساهم في زيادة الناتج المحلي؛ وتقلص مشكلة التستر التجاري؛ وتستوعب الآلاف من طالبي العمل في آن.

· على الجانب الصناعي من المهم أيضاً استلهام رؤية 2030 بالتحول للصناعات الضخمة كصناعات الأدوية والأجهزة التقنية، والسيارات، فهذه ستقوي صلب هذا القطاع وتدعمه، وستكون المناطق والمدن الجديدة مثل نيوم والبحر الأحمر بيئة مناسبة جداً لهذه الصناعات مما سيسمح للقطاع الخاص بالتوسع في التوظيف من جانب، وتحسين الأجور من جانب آخر.

· صناعة قطاع خاص سعودي 100% لم تعد خياراً، بل واجباً تفرضه ظروف الواقع ورؤى المستقبل.. فكل وظيفة حقيقية يشغلها مواطن سعودي هي دعم أكيد للأمن والاقتصاد الوطنيين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store