Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
منى يوسف حمدان

التعليم عن بعد وتحديات حقيقية

A A
عام دراسي استثنائي هل على بيوتنا ومؤسساتنا التعليمية، حالة استنفار قصوى في أروقة وزارة التعليم وكافة الإدارات والمدارس والبيوت، قيادات تعليمية وخبراء تقنيون ووزارات معنية كلها جندت طاقاتها من أجل مستقبل التعليم في وطني.. انتظرنا طويلا حتى نسمع قرار وزارة التعليم كيف سنبدأ عامنا الدراسي الجديد؟، كثرت التكهنات والتوقعات والكل في حيرة ماذا يخططون؟ وإلى أين يتجهون؟ حتى نعد عدتنا ونتأهب للإقلاع مع رحلة التعليم في زمن كورونا.. وبعد أن حان وقت البدء للعام الجديد وقبله بفترة قصيرة جدًا تم الإعلان عن القرار المتخذ وهو التعليم عن بعد عبر منصات افتراضية، وهنا بدأت الحكاية مع -منصة مدرستي- التي بذلت فيها الكثير من الأفكار والتطبيقات والخبرات والأموال الطائلة، الطموحات كبيرة جدًا، حلقت بنا في فضاء سيبراني بعيد المدى ولكن الواقع عند التطبيق جاء مخيبًا للآمال والطموحات.. هنا تكمن حبكة القصة كان من المفترض البدء مبكرًا قبل موعد العام الدراسي والعمل على تهيئة الميدان التعليمي والآباء والامهات في بث تجريبي ومعالجة القصور والضعف والتحديات -كما يقال- في وقت مبكر وليس الآن.. هذا أحد الأفكار التي يرددها كل من يهتم بتعليم أجيال المستقبل.

وهناك من يردد كيف يمكننا أن نستوعب قدرة شبكات التقنية والسيرفرات المتاحة لأعداد كبيرة تبلغ ستة ملايين طالب ونصف مليون معلم وقائد تعليمي في وقت واحد.. العقل لا يستوعب هذا التفكير لأننا نمتلك طاقة استيعابية محدودة وهناك ضغط شديد على الشبكة وكل قطاعات الدولة تتعامل تقنيًا وتستخدم نفس الفضاء السيبراني.

هناك منصات موجودة في وزارة التعليم عبر بوابة المستقبل وعبر منصة المنظومة الإشرافية -مكّن- لماذا تم استبعادها وتجاهلها، وهل تم استثمار الطاقات الوطنية من أبناء وبنات الوطن في مواجهة التحديات التقنية وكسب الوقت بدل أن نستحدث منصة جديدة بتكاليف مالية ضخمة جدًا ولم تؤدي دورها حتى الآن؟

لماذا كل هذا التعقيد في الدخول على منصة مدرستي؟، تعب المعلمون وأولياء الأمور في التسجيل للمنصة من موقع لآخر، فهل كان المصممون لهذه المنصة يستوعبون ان قدرات وتعليم وإمكانات كافة أفراد المجتمع ليست متساوية؟ من يعيش بعيدًا في القرى والهجر ولديهم أطفال في المرحلة الابتدائية يحتاج ولي أمر يقوم بهذه المهمة فكيف إذا كان أميًا لا يعرف التعامل مع التقنية؟

بعد أسبوع كامل ونحن نحاول أن نرى بصيص نور قادم من الفضاء السيبراني واتحدث بصفتي أم تخشى على ابنها الذي تتابعه في كل ساعة وأنا على رأس العمل؟ وكلما كلمته يرد عليّ بنفس الإجابة لا جديد ولا دخول على المنصة ولا دروس ولا نعرف كيف السبيل للوصول إلى حل يرضينا وواقع يسعدنا.

لست متشائمة ولكن لابد من خطة بديلة عاجلة تنقذ عامنا الدراسي الجديد، لنعد الثقة الكبرى في معلمينا ومدارسنا ونؤجل استخدام منصة مدرستي حتى يتم معالجة الخلل التقني فيها وإتاحة الفرصة لكل إدارة تعليمية للإبداع والتفكير خارج الصندوق، واستخدام منصات التعليم عبر -زووم- وعبر مواقع التواصل الاجتماعي في التيليجرام والواتس اب، لمزيد من التواصل الفعال بين المعلم وطلابه وهذا ما يحدث الآن فعليًا من قبل بعض المعلمين والمعلمات المهتمين والمؤمنين بدورهم ورسالتهم السامية ومعلم جازان ليس عنا بعيد ذلك الذي وصل لطلابه عبر سيارته وبين الجبال ليعلم الطلاب كيف يسجلون في منصة مدرستي، وطني يضم بين جنباته وعلى أرضه المباركة آلاف المعلمين والمعلمات من أمثال هذا المعلم المحب لمهنته الذي يعي عظم الأمانة التي يحملها على عاتقه.

رسالة ابعثها لمعالي وزير التعليم ومستشاريه نحن هنا على أرض الواقع في مدارسنا وفي بيوتنا نعلم يقينًا حجم الدور الذي تقومون به من أجل مستقبل التعليم ولكننا نريد منكم أن تسمعوا صوتنا وتأخذوا بآرائنا وكلي ثقة بأنكم أحرص الناس على أن نصل جميعًا للهدف المنشود وتحقيق رؤية قيادتنا الحكيمة ونيل أعلى درجات العلم والمعرفة.

التحديات كبيرة جدًا وبتضافر الجهود واستثمار الطاقات والشفافية والصدق في القول والعمل هو ما سيوصلنا معا لبر الأمان.. العودة التدريجية بحذر للميدان تحتاج للتفكير جديًا في تقسيم اليوم الدراسي وعودة الطلاب كمجموعات تقسم على مدار اليوم فهناك من المهارات والقيم وتعديل السلوك ما لا يعوضه التعليم عن بعد، نحن في مدارسنا لا نعطي معلومة فقط نحن نربي ونؤهل انسانًا يمتلك قيمًا ومهارات ويعرف كيف يقوم المعوج من السلوكيات وينتهج نهج الصالحين الأسوياء ويحاكي قدوات حية من معلمين وقيادات.. اللهم هيء لنا من أمرنا رشدا وعجل بكشف الغمة وزوال الوباء حتى تعود حياتنا طبيعية كما كانت.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store