Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أسامة حمزة عجلان

ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام

A A
اعتدت على كتابة رسالة في آخر كل مقالة، وكانت رسالتي الأسبوع الماضي على النحو التالي:

«وصلني مقطع للشيخ صالح السحيمي وفيه يعتبر كل من يقول يا وجه الله يا رحمة الله يا لطف الله يا يد الله مشركاً: وأقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فغردت على المقطع في تويتر وقتها بالقول: «لا أصدق أننا نشرك بقول يا وجه الله يا رحمة الله لأني أؤمن بقول الله تعالى (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)، وأدعو بدعاء الحبيب صلى الله عليه وسلم «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث.. الخ»، ووجه الله من الذات الإلهية ولا نعلم عن كيفيته، وأمتع متع الجنة النظر إلى وجه الله الكريم، اللهم بلِّغنا النظر إلى وجهك الكريم». وأضيف أسألكم بالله يا قوم لا توسوسوا لنا في عقيدتنا بما يجعلنا في دوامة الشك في إخلاصنا ووجه الله ويد الله عز في علاه من الذات الإلهية كما ذكرت ولا نعلم عن كيفيتهما، فإذا كان كلام الله القرآن الكريم منزَّلاً وليس مخلوقاً، فكيف بوجه الله الكريم ويده الكريمة؟!. والرحمة مخلوقة واللطف كذلك ولكن طالما الحبيب صلى الله عليه وسلم استغاث بالرحمة والاستغاثة أكبر من ياء النداء في قول «يا رحمة الله» فالحمد لله لسنا مشركين وعلى الإيمان مهما قال من قال.

وبعد الكتابة للرسالة تذكرت قول الله تعالى «وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ»،

وجاء في تفسير ابن كثير التالي: (يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون، وكذلك أهل السماوات إلا من شاء الله، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم، فإن الرب -تعالى وتقدس- لا يموت بل هو الحي الذي لا يموت أبداً.

قال قتادة: أنبأ بما خلق، ثم أنبأ أن ذلك كله كان..

وفي الدعاء المأثور: يا حي، يا قيوم، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت، برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك.

وقال الشعبي: إذا قرأت (كل من عليها فان)، فلا تسكت حتى تقرأ: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، وهذه الآية كقوله تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) [القصص: 88]، وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية الكريمة بأنه (ذو الجلال والإكرام)، أي: هو أهل أن يُجَلَّ فلا يُعصى، وأن يُطاع فلا يُخالف، كقوله: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) [الكهف : 28]، وكقوله إخباراً عن المتصدقين: (إنما نطعمكم لوجه الله) [الإنسان: 9]، قال ابن عباس: (ذو الجلال والإكرام) ذو العظمة والكبرياء، ولما أخبر عن تساوي أهل الأرض كلهم في الوفاة، وأنهم سيصيرون إلى الدار الآخرة، فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل.

وفي تفسير القرطبي جاء ما يلي: ويبقى وجه ربك أي ويبقى الله، فالوجه عبارة عن وجوده وذاته سبحانه. قال الشاعر:

قضى على خلقه المنايا فكل شيء سواه فاني.

وهذا الذي ارتضاه المحققون من علمائنا: ابن فورك وأبو المعالي وغيرهم. وقال ابن عباس: الوجه عبارة عنه كما قال: ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، وقال أبو المعالي: وأما الوجه فالمراد به عند معظم أئمتنا وجود الباري تعالى، وهو الذي ارتضاه شيخنا. ومن الدليل على ذلك قوله تعالى: ويبقى وجه ربك، والموصوف بالبقاء عند تعرض الخلق للفناء وجود الباري تعالى. وقد مضى في (البقرة) القول في هذا عند قوله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله)، وقد ذكرناه في (الكتاب الأسنى) مستوفى. قال القشيري: قال قوم هو صفة زائدة على الذات لا تكيف، يحصل بها الإقبال على من أراد الرب تخصيصه بالإكرام. والصحيح أن يقال: وجهه وجوده وذاته، يقال: هذا وجه الأم ووجه الصواب وعين الصواب. وقيل: أي يبقى الظاهر بأدلته كظهور الإنسان بوجهه. وقيل: وتبقى الجهة التي يتقرب بها إلى الله.

أبعد هذه الأدلة الدامغة.. هل يعقل أن يقال بأن من يقول يا وجه الله مشرك؟!.

وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجراً من أحد سواه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store