Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أسامة حمزة عجلان

وهل تريدون أن نئد بناتنا؟!!

A A
ذكرت الدكتورة سهيلة زين العابدين الكاتبة المتألقة في مقالها الأسبوع الماضي عن تعدد الزوجات في منهج نظام الأسرة في الإسلام لمادة الثقافة الإسلامية في جامعاتنا أن هناك من يفتي بزواج الرجل الذي زوجته مريضة بزوجة ثانية بالمال الذي سينفقه على علاجها!!. ويا للهول من فتوى جائرة ظالمة غير إنسانية ولا تمت للإسلام بصلة، فتوى هوجاء ولا أعلم عن قائلها، وحق لي أن أنعته بالجهل والظلم وقمة الذكورية وطلب إشباع الشهوة.

وأتذكر أني كتبت مقالاً بتاريخ 28/ 8/ 1424هـ بعنوان «تريدون كظم من يبشر بالأنثى؟»، رداً على من يقول بعدم التزام الزوج بعلاج زوجته وصرفها وأيضاً عدم وجوب خدمة الزوجة لزوجها يعني زواج فراش لا أكثر.

قال تعالى: (الرجال قوَّامون على النساء بما فضَّل اللهُ بعضَهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم).. الآية، فللناحية المالية ارتباط وثيق بالقوامة والقوامة قد تنتفي بتقاعس الرجل عن النفقة، وقد أفتى سعيد بن المسيب بالتفريق بين الزوج وزوجه إن لم ينفق عليها، وقد جاء في تفسير القرطبي «أن من عجز عن نفقة المرأة لم يكن قواماً عليها وإذا لم يكن قواماً عليها كان لها فسخ العقد. فسخ العقد لزوال المقصود الذي شرع لأجله النكاح».

ومن الضروريات الخمس حفظ النفس، والمرض عارض إن أُهمل يؤدي إلى هلاك النفس وإزهاق الروح، ولذلك شرع الله العلاج وطلبه وعلى الزوج التكفل بعلاج زوجته وإن قال البعض بغير ذلك فهو مردود لأن قولهم لا يستند إلى دليل شرعي بل الدليل في الآية الكريمة السابقة، وهي تدلل على وجوب النفقة على الزوجة والعلاج من النفقة لأنه ضروري حفاظاً على الروح.

ولا أعلم عن كثير من أقوال البعض التي منها «عدم وجوب العلاج شرعاً على الزوج إنما جرى العرف على ذلك»، وقد وضحنا الرد أعلاه وأيضاً القول «بعدم وجوب خدمة الزوج على الزوجة وجواز المطالبة بأجر لقاء عملها المنزلي»، ومن قال بهذا مع الأسف لم يأخذ بالحديث الذي يتضح فيه وجوب خدمة الزوجة للزوج، والحديث يروي حال سيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها وكيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقرَّ خدمتها لسيدنا علي كرَّم الله وجهه ولم يأمره بخادم ولم يقل بعدم خدمتها له. ومَن مِن نسائنا تصل إلى درجتها وعلو شأنها.. فقد روى الشيخان (أن فاطمة اشتكت ما تلقى من أثر الرحى في يدها وأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم سبيٌ، فانطلقت فلم تجده، ولقيت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا لنقوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على مكانكما، فقعد بيننا، حتى وجدت برد قدميه على صدري، ثم قال: ألا أعلِّمُكما خيراً مما سألتما، إذا أخذتما مضاجعكما أن تُكبِّرا الله أربعاً وثلاثين وتسبِّحاه ثلاثاً وثلاثين وتحمداه ثلاثاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم). وكذلك كانت أمهات المؤمنين قائمات على خدمة سيدنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهل هناك أفضل منهن رضي الله عنهن أجمعين من نسائنا. ولا أخال تلك الأقوال التي تضيِّق الأمور وتثير بلبلة في الفكر وتسبب تمرُّد وعصيان الزوج وتملُّصه من نفقة العلاج لزوجه والإفتاء بذلك إلا سبباً لمشاكل أسرية لا حصر لها، تتأثرُ بها سلباً المودةُ والرحمة والسكنى بين الزوجين.. وسوف يعتبر من تأتي الفتوى على هواهم رفض علاجهم لزوجاتهم رفضاً مشروعاً. وكذلك يؤثر سلباً على الحياة الأسرية وعلى المودة والرحمة أيضاً القولُ بعدم وجوب خدمة الزوجة لزوجها.

وعلى هذا فولي أمر الزوجة أباً أو أخاً أو عماً أو ما كان، سوف يعاني الأمرين لأنه أبٌ لفتاة أو لعدة فتيات حياتهن مليئة بالمشاكل وغياب الوفاق، وإذا ما لمس هذا الإشكال المجتمع الإسلامي ككل بسبب هكذا فتاوى فسوف يكتظم من يُبشَّر بالأنثى ونعود إلى الجاهلية الأولى، للعبء الذي سوف يتحمله ولي أمرها، وتنطبق بعد ذلك الآيات حول هذا الموضوع ومنها قوله تعالى: (وإذا بُشِّر أحدُهم بالأنثى ظلَّ وجهُهُ مسوداً وهو كظيم). فهل يراد بهذه الأقوال والآراء كظم من يُبشَّر بالأنثى؟، وممكن أن يعود البعض إلى جهل الجاهلية ويئدون بناتهم.. ويومئذ تُسأل الموءودة بأي ذنب قُتلت، لقوله تعالى (وإذا النفوسُ زُوِّجتْ، وإذا الموءودة سُئلتْ، بأي ذنبٍ قُتلتْ)،{7، 8، 9} التكوير.

وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجراً من أحد سواه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store