Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

ذكرى مولد المصطفى.. وبدائل حديثة!

A A
«أيها المحب.. التقويم الهجري بدايته محرم، والتقويم الميلادي بدايته يناير، وتقويم العاشقين بدايته ربيع الأنوار».

هذه العبارة التي استهللت بها المقالة، هي إحدى الرسائل المنتشرة على الواتس، بمناسبة دخول ربيع الأول؛ فعندما يهل هذا الشهر كل عام على العالم الإسلامي؛ تهل معه ذكرى مولد المصطفى، سيد البشر وخاتم النبيين، محمد بن عبدالله، الصورة الكاملة، والنموذج الأكمل للأسوة الحسنة، «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة»، صاحب الخلق العظيم، «وإنك لعلى خلق عظيم»، لذلك يستبشر المسلمون، بهذا الشهر المبارك، ويحتفلون تعبيراً عن عمق محبته صلى الله عليه وسلم وامتثالاً لقوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسلِّموا تسليماً).

هذا العام يهل شهر ربيع، والعالم مقيد الحركة أمام جائحة كورونا، رغم ذلك طغى الفرح بمقدم ربيع البشرية، على الخوف، وأصبحت مقاطع المدائح النبوية جزءاً من المواد المنشورة على قنوات التواصل الاجتماعي، أصبحت وسيلة من وسائل الاحتفال بالمولد النبوي في مواجهة الالتزام بالاحترازات الصحية والتباعد الاجتماعي.

التهنئة بشهر ربيع الأول، أصبحت أكثر انتشاراً ورسوخاً مع سهولة التداول من خلال وسائط حديثة، فرضت ثقافة جديدة، وأشكالاً مختلفة للتعبير عن المناسبات المختلفة، كما هي التهنئة بدخول شهر رمضان المبارك، والتهنئة بعيد الفطر، الذي أصبح من خلال رسائل مصممة، وعبارات معدة، يتم نسخها وتذييلها باسم المرسل، بعد أن حل الاتصال الهاتفي محل الزيارة الشخصية لكبار العائلة ولمن يحتل مكانة عزيزة في القلب، أصبحت الرسائل هي الحل! كذلك كل المناسبات، لها عبارات معدة مسبقاً، مع صور أو بدون، تنتشر بسرعة البرق، وتملأ الحواس في لحظات.

لكن ذكرى المولد النبوي، كان لها زخم مختلف، خصوصاً خلال سطوة التطرف، لم يكن أحد يجرؤ على إعلان التهنئة بقدوم شهر ربيع الأول، الشهر الذي بزغت فيه الأنوار وعمَّ ضياؤه الكون.

صحيح كانت الاحتفالات بالمولد النبوى تتم بشكل احتفالي، تشدو فيه المدائح النبوية بأصوات شذية، وسرد منغم للمولد النبوي المبارك، في تجمعات كبيرة أو صغيرة، في أجواء روحانية جميلة، كانت تتم رغم التحريم والتحذير من الإتيان بمثل تلك (البدع)، لكن بهجة الاحتفال تطغى على تلك التحذيرات، وتتم في المنازل في تجمعات نسائية خالصة، أو رجالية محدودة مقارنة بالاحتفالات التي تقيمها النساء في المنازل كتقليد سنوي أو التزام روحي واجتماعي.

هذا العام، اتخذ الاحتفال، شكلاً آخر، نظراً للإجراءات الاحترازية التي فرضتها كورونا، ومعايير التباعد الاجتماعي، والخوف من التعرض للإصابة في حالة المجازفة بالتجمع حتى لو كان محدوداً، فأي تجاوز أو تهاون يمكن أن يؤدي إلى إصابة محتملة حفظكم الله، لذلك اتخذ الاحتفال بمولد المصطفى نهجاً مختلفاً هذا العام، أي من خلال انتشار مقاطع فيديو للمدائح النبوية، بعضها فردية وأخرى من احتفالات سابقة، كذلك انتشار نصوص مختلفة للتهنئة بدخول شهر ربيع الأول، وهو ما يشير إلى مكانة هذه الذكرى المباركة لمولد المصطفى في قلوبنا وقلوب المسلمين حول العالم،

لكن هل مازال هناك مناهضون ويعتبرون أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة، وكذلك التهنئة بدخول شهر ربيع الأول؟ بالتأكيد!! فالقناعات التي رسختها الخطابات المناهضة والمحرِّمة والمبدِّعة لا يمكن زحزحتها أو تغييرها، فهي كالصخور الراسخة، تظل مكانها تقاوم هطول الأمطار، ودفق السيول، لكن ربما تمس صفحتها نسمات الهواء العليلة فتصبح أكثر نعومة ولمعاناً!

يقول الكِندي: الحب حاجة من حاجات النفس وهى دائماً تسعى إلى تحقيقه، تلك الحاجة النفسية يشبعها شيء من الحب أو كلمة (أحبك)، والمولد النبوي في تصوري هو هذه الكلمة (أحبك يا رسول الله) كي تشبع الحاجة النفسية إلى الحب!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store