Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عائشة عباس نتو

من النور.. إليه

مزامير

A A
قضيت أياماً بمستشفى العيون الخاص، بغرض مرافقة ابنتي أحلام، ومن مقعدي القلق في ركن الانتظار وحركتي في الممرات، أحببت أن أشارككم قصصاً لمرضى يلتمسون النور في هذه الحياة، من داخلهم يخيم عليهم صمت كثيف إلا من تمتمات وهمسات مكتومة كلها تشير باتجاه الضوء المفقود.

في غرفة انتظار العمليات كان بعض المرضى يقطعون قاعة الانتظار ذهاباً إياباً.. البعض منهم كان مضطرباً وحزيناً لفقدان البصر أو جزء منه.

في حين بدا لي البعض متفائلاً ينظر من شباك غرفة الانتظار يحلم بعودة النور بعد فقده.. بينما آخر يتجه إلى الباب المغلق يلتمس النور من ثقوبه.

إلى جواري جلست سيدة مسنة ما زالت جميلة صامتة صمتاً كثيفاً تحجب عيونها عن أقرب الناس إليها، فجأة التفتت إلى الجوال موبخة الجهاز لأنها لم تستطع قراءة النص المرسل إليها، وتمتمت «ما يعرفون انى ما أشوف».. في لحظة خاطفة أسرع من ومض البرق في السماء نظرت نحوي.. أأنت مرافقة مع الشابة التي في غرفة العمليات؟، أومأت برأسي ولم أنطق بكلمة.

غادرت المريضة قاعة الانتظار والممرضة تسألها بعض الأسئلة الروتينية قبل إجراء العمليات كانت إجابتها: «لا أعرف هذه أول مرة في حياتي أعمل عملية».

قبل أن تتم جملتها داهمتها الممرضة بسؤال آخر: هل تتمكنين من رؤية الضوء خارج القاعة؟.

ردها كان بكلمات غير مترابطة بعضها مفهوم وبعضها الآخر غامض، بهدوء معقبة «لنناقش أمر النور بعد العملية، فلماذا لا نمضي إلى العملية».... ابتسمت الممرضة ابتسامة ملائكية ثم قالت لها: إلى الضوء يا سيدتي، وأشرق وجه المريضة كأنها ملكت الكون، وصوتها يصلنا «النور» النور!!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store