Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

الوعي أم الفقر...؟!!

A A
رغم أن مقالة الدكتورة أميرة الزهراني «الفقر مفيد أحيانًا» نشرت في 2014م، إلا أنها وصلتني هذا الأسبوع، أو بالأصح، وصلتني ملاحظات غاضبة حولها، وعند قراءة المقالة؛ دهشت من هذا التعميم، وكأن مجتمعنا طبقة واحدة أو شريحة واحدة، كلها تمتلك صفة «الغنى»، ويعيش أبناءها هذا الضياع الذي ضخمته مقالة «الفقر مفيد أحيانا»!

الواتس أعاد الحياة للمقالة، فطبيعة وسائل التواصل الاجتماعي، إعادة المعاد والمكرر، أو كما قال الشاعر: «ما أرانا نقول إلا معارًا... أو معادًا من أمرنا مكرورًا»، لذلك أطرح بعض الرؤى، حول ما جاء فيها.

المقارنة الظالمة، التعميم، واستدراج الفقر كحالة منتجة، مبهجة، مردودها على الأجيال أكثر نفعًا من الحالة المقابلة، والتي يسعى إليها هؤلاء الذين ضربت بهم المثل، بالتغرب والتقشف والعيش بالحد الأدنى من كل شيء.

تقول: «الأطفال قديمًا أبناء الأجانب العرب الذين جاءوا هنا ليكدحوا ويجمعوا القرش فوق القرش لتأمين حاضر ومستقبل أولادهم ويستثمروا كل طاقاتهم وصحتهم في العمل وتحصيل الرزق، كانوا لا يخرجون من بيوتهم إلا بعد تناول فطورهم حتى يكونوا أكثر قدرة على التركيز في الحصص الدراسية...»، وتستفيض في شرح سلوكهم في الفسحة، وكيف يخرجون السندوتش بـ»البيض أو الجبن أو الفول أو الفلافل مع العصير وفي نهاية الدوام يتناولون تفاحة».

أولا كنت أتمنى ألا تصف الإخوة العرب بالأجانب!.. ثانيا: لا أعرف هل هذا نموذج موحد لكل أبناء إخوتنا العرب الذين جاءوا للعمل وتحسين مستواهم المادي، أم أنه تصور شخصي من قبل الدكتورة أميرة، تصورته وحبت أن تقارن به «ميلة حالنا» وتردي أوضاع أبناءنا؟

أميرة -مع حفظ الألقاب- كاتبة، أكاديمية وناقدة، يفترض أنها لا ترتكز على التصورات، بل على الحقائق، لأن التصورات مضللة، خصوصًا عندما يصدقها الكاتب، ولأني أعرف الدكتورة أميرة، أتصور أن هذا المقال ربما كتب على عجل، وأنه لم يكن لديها الوقت لتُنْضِج فكرته على نار هادئة، لذلك شاطت منها الفكرة.

الفقر، ينتج المرض والانحرافات، لكن ليس في كل الحالات، لأن التعميم خطأ! إذن الفقر ليس مفيدًا، ومن وصفتهم وأشادت بتربيتهم ليسوا فقراء، لكن حرصهم على الغنى هو سبب حرصهم وتقتيرهم، بالطبع هذا أيضًا لا يندرج على كل الإخوة العرب الذين جاءوا قديمًا أو الذين لا يزالون شركاء في تنمية وطننا، واستطابوا العيش على أراضينا، لأن من جاء من فقر وعوز يمارس سلوك الفقراء مهما كان دخله كبيرًا، ما يفعلونه عزيزتي أو تلك الممارسات التي جعلتك تنظرين إلى الفقر بأنه مفيد، هي جهادهم للبعد عن منطقة الفقر الخطرة، هي حربهم المستعرة للقضاء على الفقر في مستقبلهم.

مجتمعنا قبل النفط وبعد النفط وخلال الطفرة وبعد الطفرة وحتى الآن لم يخل من الفقر بكل أوجهه، وكان يمكن استحضار النماذج من مجتمعنا، فلدينا الكثير من قصص النضال ضد الفقر يمكن أن تحكى! لأن النموذج الذي استشهدت به، ليس بالضرورة أن يكون سلوك أبنائه الذي أسهبت في وصفه نتيجة الفقر؛ بل سعيًا للوصول إلى هذا المستوى «الغنى» ، الذي أحالت إليه فشلنا أو فشل أبنائنا في الدراسة وفي الحياة والتخمة والركود وعدم الانتظام أو التفوق الدراسي!

من نهض بمجتمعنا ومن تولى شؤون هذه النهضة التي نعيشها إذا كان أبناؤنا كما وصفت حالهم المتردي؟

في مجتمعنا طبقة غنية جدًا، وأخرى غنية، وطبقة متوسطة وأخرى مستورة والكثير من الأسر الفقيرة، يتفاوت بينها مستوى الوعي، وبالتالي الاهتمام بالأبناء وتحفيزهم على تناول وجبة الإفطار والجد في الدراسة، وربما ليس لديهم فرصة حتى نهاية الأسبوع للهو والمرح!

مهما كان الحال؛ مستورًا، فقيرًا، أو غنيًا، المعيار مستوى الوعي والتربية القويمة التي تنتهجها الأسرة وليس الفقر!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store