Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حليمة مظفر

«الحيوانات الضالة».. كي نحقق بها الأمن والتوازن البيئي!

A A
أرسلت لي صديقتي اللطيفة الفنانة التشكيلية حنان الجهني مقطعاً صوَّرته صديقتها، لقطط ميتة في إحدى حدائق محافظة جدة! لافتة أن تكون ميتة بذات الوقت دون أن يكون قد تم تسميمها والفاعل مجهول!، فهل هو اجتهاد فردي ممن انتزعت الرحمة من قلبه ونسي ما تعلمناه من ديننا الحنيف! أو اجتهاد أحد موظفي البلديات ممن لا يملك حلولاً لعلاج تكاثر القطط إلا بتسميمها! والله وحده من يعلم!.

بعدها بأيام أرسلت صديقتي الشاعرة الرقيقة زينب غاصب -أتم الله عليها العافيةـ صور تعرُّض طفلين من أقاربها لهجوم شرس من كلاب ضالة؛ وكانت مؤلمة جداً؛ وللأسف هذه الحوادث تتم معالجتها عادة بتسميم الكلاب في المناطق التي تتواجد فيها، فإن كان كلب أو كلبين من قاموا بالحادثة يموت معهم عشرات الكلاب والقطط البريئة دون ذنب بسبب معالجة غير أخلاقية وغير ناجحة أيضاً، لأن المشكلة تعود من جديد بحوادث مؤلمة أخرى.

وبصراحة أعتبر عملية تسميم وإعدام الحيوانات الضالة خاصة الكلاب والقطط غير ناجحة أبداً ناهيك أنها غير أخلاقية، وليست من قيم»الإسلام» الذي جعل من سقاية الكلاب سبباً لدخول الجنة! وحبس قطة عن الطعام سبباً لعذاب جهنم كما علَّمنا المصطفى الحبيب صلى الله عليه وسلم، ولكي ننتهي من حوادث الكلاب الخطرة والمظهر غير الحضاري لتكاثر القطط في المناطق السكنية فعلينا معالجة المشكلة من جذورها وفق الطرق المتسقة مع دين الرحمة؛ خاصة ونحن اليوم نعيش تطوراً حضارياً ملفتاً مع رؤية 2030 السعودية، ونسعى إلى رفع جودة الحياة في مجتمعنا ونخطط للنهوض بمشاريع أنسنة المدن ونحرص على حماية البيئة التي كانت من الملفات المهمة فيG20 القمة الدولية الملهمة العظيمة التي ترأستها السعودية الحبيبة منذ بضعة أسابيع ضمن محور «المحافظة على الأرض»؛ ومن هذا المنطلق فإن القطط والكلاب الضالة تعتبر من مقومات توازن البيئة؛ والله تعالى لم يخلقها عبثاً؛ إنها سبب من أسباب التوازن والأمن البيئي الذي نعيشه؛ إذ أهمية الكلاب في حماية النطاق السكاني خاصة القريب من المناطق البرية والجبلية من الثعالب والثعابين التي قد تجد طريقها إلينا في حال عدم وجود الكلاب؛ فيما القطط تتغذى على الحشرات التي تجدها في طريقها!، ولكم أن تتخيلوا كيف سيكون حال المناطق السكنية إذا تم التخلص منها بتسميمها لمعالجة حوادث لن تتوقف دون حلّ فاعل!، حيث قد نتسبب في مشاكل بيئية وحوادث لا تقل خطورة عن الحوادث الحالية!

ولأني أعتبر نفسي من المهتمين بحقوق الحيوان والبيئة؛ فلكي نعالج المشكلة علينا أن نبدأ من جذورها؛ فهذه الحيوانات صديقة للإنسان وليست مفترسة، لكن ظروف البيئة العمرانية التي قلصت وجود بيئة مناسبة لها تُوفر غذاءها وقلة المزارع وتخلص أصحابها من العدد غير اللازم منها جعل هذه الكلاب جائعة مشردة خائفة ومريضة في بيئة اسمنتية تجهلها بحثاً عن غذاء لها في المناطق السكنية وفي الشوارع التي بها مطاعم! فيما التعامل البشري من عديمي الرحمة وتعرض الكلاب للإيذاء والملاحقة جعلها تنظر للإنسان وكأنه عدو، فباتت لا تميز بين المسالم وآخر يلاحقها لقطع ذيلها وتعذيبها تسلية!.

ولهذا أقترح على وزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية التعاون السريع من باب التكامل المؤسسي الذي تنص عليه رؤية 2030م؛ والعمل على إنشاء مراكز بيطرية متخصصة لإيواء وتدوير وفرز هذه الحيوانات تتلقى بلاغات المواطنين والمقيمين عنها، وتخصيص فرق عمل وإنقاذ بسيارات مجهزة متجولة؛إننا بجانب معالجة هذه الظاهرة سنوفر وظائف جديدة لأبنائنا وبناتنا خاصة البيطريين؛ ويتم أخذ الحيوانات إلى المراكز لتطعيمها من الأمراض والسُعار حماية للإنسان، وعلاج ما يحتاج منها، ولإجراء عمليات تعقيم حداً من تكاثرها وإرجاعها إلى أماكنها حفاظاً على التوازن البيئي والاستفادة من بعضها الآخر بعد الفرز للتبني ككلاب الصيد والحراسة؛ بل من هذه الحيوانات المشردة «مدرب» لأن أصحابها تخلوا عنها وباتت غير قادرة في الاعتماد على نفسها وتحتاج التدوير للاستفادة منها.

إن هذا الاقتراح أضعه بين أيدي معالي وزيري البيئة والمياه والزراعة، والشؤون البلدية والقروية، وأدرك أنه سيكون محل عنايتهم، لأنهم يسعون إلى تحقيق تجربة حضارية مُلهمة متكاملة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store