Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

استغاثة من داخل سفينة تخزين اللقاح!

إضاءة

A A
تتصاعد أصوات الاستغاثة الصادرة من داخل سفينة التخزين الخاصة بلقاحات كورونا والتي تمخر الآن في بحر الحياة! ومع ازدياد المخاوف من تخلف البلدان الفقيرة عن اللحاق بأحد اللقاحات المنتظرة، بفعل تخزين الدول الغنية لجرعات اللقاح بأكثر مما تحتاج إليه، لا يملك المرء إلا يناشد الأغنياء والفقراء معًا إعادة النظر إلى مفهوم الحياة!

لقد بات من الثابت أن كوفيد 19 لا يقبل الخيانة، ولا يقبل أفعال اللؤم والكهانة، بل إنه لا يطيق أن يتغطرس أمامه كائنًا من كان.. زعيم أم مؤسسة أم دولة، فالكل عنده أقزام!

من حق الدول الغنية بل من واجبها أن تحوز كميات كبيرة من جرعات اللقاح لتحصين شعوبها لكن ليس من حقها أن تحرم الآخرين منه فتحتكره لنفسها لأنها ببساطة ستكون قد احتكرت الحياة! وما الذي يفيد إذا عاش هذا الشعب ومات الشعب المجاور؟!

هذه واحدة، والأخرى ما الذي يدريك وأنت تمارس التخزين، أن يتحول كوفيد 19 إلى جمل فيخزن لك كل ما تفعله، وينقلب عليك فجأة بأي شكل من أشكال الانقلاب وما أكثرها هذه الأيام؟!

وكما تؤكد التقارير فإن جميع جرعات لقاح «مودرنا» على سبيل المثال تم التعاقد عليها من قبل الدول الغنية، وكذلك 96 في المئة من جرعات لقاح فايزر.. وهناك جدل أمريكي كبير يدور الآن حول ما إذا كان الشعب الأمريكي نفسه سيلحق باللقاحات قبل بيعها أم لا!

وعلي سبيل المثال فإن 14 في المئة من سكان العالم اشتروا نحو 53 في المئة من اللقاحات المنتظرة، وتعاقدت كندا وحدها على شراء جرعات لقاح تكفي لتطعيم كل الكنديين خمس مرات.. وتبعًا لذلك فإن الدول الفقيرة لن تتمكن من تلقيح سوى واحد من كل 10 أشخاص في العام المقبل.

صحيح أن منظمة أوكسفام وغيرها من منظمات غير حكومية مثل منظمة العفو الدولية، ستتولى المراقبة لما يجري من صفقات لشراء واستخدام اللقاح، لكن اللقاح نفسه قد يكون له رأي آخر في أي مرحلة من مراحل التخزين!

هذه ليست حيلة أو مقولة العاجز، فقد أثبت كوفيد 19 سقوط كل الرهانات، ويكفي تحديه المتواصل للعالم المتقدم الغني مقابل العالم المتخلف الفقير!

كلنا ركاب سفينة واحدة، هذه حقيقة تؤكدها كورونا منذ اللحظة الأولى، ومن بين الركاب شعوب كينيا وميانمار ونيجيريا وباكستان وأوكرانيا، والتي أبلغت عن إصابات تتجاوز واحد ونصف مليون إصابة، ومن بين الركاب كذلك شعوب الصين وأمريكا وأوروبا وأفريقيا وأستراليا، فماذا نحن فاعلون ببعضنا؟!

بمسؤولية إنسانية يقف ستيفن كوكبيرن، رئيس قسم العدالة الاقتصادية والاجتماعية في منظمة العفو الدولية، على سطح سفينة التخزين ليؤكد «أن تخزين اللقاحات يقوض بنشاط الجهود العالمية لضمان حماية الجميع في كل مكان من كوفيد - 19.. (الدول الغنية لديها التزامات واضحة في مجال حقوق الإنسان، ليس فقط بالامتناع عن الأعمال التي قد تضر بالحصول على اللقاحات في أماكن أخرى، ولكن أيضاً للتعاون وتقديم المساعدة للدول التي تحتاجها)».

أما السيدة آنا ماريوت، مديرة السياسة الصحية في منظمة أوكسفام فتقول: «لا ينبغي منع أي شخص من الحصول على لقاح منقذ للحياة بسبب البلد الذي يعيش فيه أو بسبب المبلغ المالي في جيبه.. ولكن ما لم يتغير شيء ما بشكل كبير، فلن يتلقى مليارات الأشخاص حول العالم لقاحاً آمناً وفعالاً ضد كوفيد - 19 لسنوات قادمة».

هل يستمع المخزنون الماضون بسفينة الحياة إلى ستيفن وماريوت، أما أننا ماضون أكثر نحو الغرق؟

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store