أنا عن يقين تام بأن معظم البشر لا يستفيدون من طاقتهم الكامنة والخفية في العقل الباطن، هذا العقل الذي يعتبر معجزة من معجزات التفكير، إن التواصل مع العقل الباطن مهم جداً وهو قد يأتي من خلال الاستخارة أو استفتاء القلب أو التخاطب مع النفس، ومن يقرأ الكتب التي تتناول قوة العقل الباطن يعرف القيمة والفائدة التي تأتي من التواصل مع هذا العقل.
حسناً.. دعونا نأخذ مثالاً على إحدى الطرق التي تجعلنا نستفيد من قوة العقل الباطن، وأعني بها الحديث إلى النفس بما تشتهي، وهذه النظرية توصل لها أهلنا في نجد وأهلنا في الحجاز حيث يقولون في الحجاز : «الجوعان يحلم بسوق العيش»، وفي الطرف الآخر يقولون: «أحلام أهل نجد حديث قلوبها»، والمعنى في كلا المثالين أن الإنسان غالباً يرى في المنام ما كان يشغله خلال يومه.
هناك قصة ظريفة ذكرها الدكتور جوزيف ميرفي في كتابه (قوة عقلك الباطن) حيث يقول:
(فقدت ذات مرة خاتماً قيماً كنت قد ورثته من أجدادي، بحثت عنه في كل مكان ولم أجده وقد شعرت بالقلق والكآبة لفقدانه، في تلك الليلة تحدثت إلى عقلي الباطن بنفس الطريقة التي أتحدث بها إلى أي شخص آخر وقلت له قبل أن أتجه إلى النوم: (أنت تعرف كل شيء، أنت تعرف أين الخاتم وأنت الآن ستكشف لي مكانه بإذن الله).
وفي الصباح استيقظت فجأة على عبارة تتردد في أذني وتقول: «اسأل روبرت»!).
كان هذا يبدو غريباً جداً بالنسبة لي، فأنا لا أعرف أحداً يدعى «روبرت» سوى طفل صغير في التاسعة من العمر وهو ابن الجيران الذين يسكنون بجواري، وسألت نفسي قائلاً: «وكيف سيعرف هذا الطفل مكان الخاتم؟
(إلا أنني اتبعت الصوت الداخلي لحدسي، ووجدت «روبرت» في باحة منزلهم ووصفت له شكل الخاتم وسألته إذا كان قد رآه أم لا؟ وإذا به يجيبني قائلاً: «نعم بالطبع، لقد وجدته البارحة بين الأشجار عندما كنت ألعب، ولم أكن أعرف صاحبه لذلك أخذته ووضعته على مكتبي وكنت على وشك وضع إعلان للبحث عن صاحبه ولكنني نسيت).
حسناً ماذا بقي:
بقي القول: هل أنتم تستغلون قوة العقل الباطن أم أنكم تعتبرون مثل هذه الأفكار خزعبلات لا تسمن ولا تغنى من جوع، وقبل الإجابة تأكدوا أن الإنسان يقضي ثماني ساعات تقريباً من اليوم في سبات عميق، هل من المعقول أن يترك عقله بلا عمل خلال هذه الثماني ساعات.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
