Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

حقوق الزوجة في مناهج الثقافة الإسلامية في بعض جامعاتنا

A A
بعد ما عرفنا كل حقوق الزوج التي ألزم بها الزوجة مؤلفو كتاب (نظام الأسرة في الإسلام) الذي يُدرّس في مادة الثقافة الإسلامية بجامعاتنا، فلنتوقف عند حقوق الزوجة التي قرّروها:

أولًا: قصْر النفقة المُلزم بها الرجل تجاه زوجه على ما يلزمها من طعام وشراب وملبس ومسكن، ومكررة في صفحات أخرى عند الحديث عن العدل بين الزوجات إضافة إلى المبيت، وتجاهل معدو المادة العلاج وكأنّها لا تمرض أو أخذوا بآراء الأئمة الأربعة الذين لا يوجبون على الزوج علاج الزوجة.

ثانيًا: التوجيه والتعليم فيحرص الزوج على تعليم زوجته خاصة العلم المفروض الذي تقيم به دينها، وكذلك العلوم التي تهمها في حياتها...

ما هذا؟ إنّ مؤلفي الكتاب يتحدثون عن أي عصر؟، إنّهم يتحدثون عن عصور استُحكمت فيها أمية المرأة!

عند الرجوع إلى قائمة المراجع الفقهية لهذا الكتاب، نجد معظم مؤلفيها عاشوا ما بين القرن 2 -8هـ، 8-14م، تفشّت في بعضها أمية النساء، فجعلوا تعليم الزوج لزوجته من واجباته تجاهها، ولكنّنا في عصر تفوّقت فيه المرأة في مختلف مجالات العلم والمعرفة، وأصبحت لا تقل عن زوجها علمًا ومعرفة، بل تفوّقت عليه في بعض الأحيان، فإن كان جعْل تعليم الزوج لزوجته يُناسب تلك العصور، فهو لا يتناسب مع عصرنا الحاضر، ولا تتقبله المرأة، بل تعده تقليلًا من شأنها أن تضع فرضية جهلها وأميتها، وهذا يُبيِّن لنا أنّ مؤلفي الكتاب مجرد ناقلين؛ إذ نقلوا هذا من مؤلفي عصور تفشي أمية وجهل المرأة، وكان من باب أولى أن لا يعطي مؤلفو الكتاب الأزواج حق استئذان زوجاتهم لهم في طلب العلم، مع أنّه فريضة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مكان للإذن في أداء الفرائض.

فنحن في عصر ارتفعت فيه نسبة تعليم المرأة؛ إذ أظهر تقرير عام 2009 م لمنظمة اليونسكو تحقيق السعوديات تقدمًا ملحوظًا في مجال العلوم، فتفوق نسب تخرجهن نسب النساء الغربيات في الحصول على الدرجات العلمية، كما وضع التقرير الدولي لمؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2009م السعودية في المركز (25)عالميًا، من حيث النسبة بين الجنسين في التسجيل في التعليم الجامعي، متقدمة بذلك على عدد من الدول المتقدمة، مثل أمريكا، وألمانيا.

وازداد عدد الإناث بين طلبة البكالوريوس ثلاثة أضعاف في المدة من 1995 م إلى 2009 م؛ حيث وصل العدد إلى 412 893 طالبة، هذا كان قبل 11 عامًا، فما بالكم الآن؟.

ثالثًا: يُلاحظ انعدام التوازن بين حقوق الزوج وحقوق الزوجة، واقتصار العقوبات الإلهية على الزوجة في حال تقصيرها، أو عدم التزامها بموجب القدسية التي منحها مؤلفو الكتاب للأزواج من خلال استدلالهم بأحاديث ضعيفة وموضوعة جعلت الزوجة تحت وصاية زوجها، فلا تتصرّف في نفسها ومالها إلّا بإذنه، ولا تخرج إلّا بإذنه ولا تتعلّم ولا تعمل إلّا بإذنه، بل لا تزور أهلها وأقاربها ولا تسمح لهم بزيارتها في بيتها إلّا بإذنه إلّا والديها اللذيْن جعل على الزوجة أن تُفضل زوجها عليهما، فأُعطيت للزوج حقوق ليست له، تجعل من عدم إرضائها له يحرمها من الجنة، وقولها له «ما رأيتُ خيرًا منك قط» يُدخلها النّار، بل ليس لها أن تصوم تطوعًا أو قضاءً لما فطرته في رمضان إلّا بإذنه، وله أن يفسد صومها حتى لو كان قضاء لإشباع رغباته، ولا إثم عليه، وهم بهذا خالفوا قوله تعالى:(ولهنّ مثلُ الذي عليهِنّ بالمعروفِ) (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[المُلك:15]، وخالفوا قوله عليه الصلاة والسلام:(طلب العلم فريضة على كل مسلم)، كما يخالف منح الإسلام المرأة أهلية حقوقية كاملة، وذمة مالية مستقلة.

رابعًا: تعميم آية (وقرن في بيوتكنّ) الخاصة بأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن على النساء المسلمات، ومنعهن من العمل والمشاركة في الحياة العامة بموجب هذا الفهم الخاطئ لهذه الآية، فقيّدوا عملها في مجالات معينة، باعتبار أنّ بقاءها في البيت هو الأصل يُخالف تمامًا طبيعة وواقع المجتمعات البشرية عامة، والمجتمع المسلم في العهد النبوي وما تلاه من عصور خاصة، فمن الحقائق التاريخية والمُثبتة في السيرة النبوية، والتاريخ الإسلامي أنّ المرأة المُسلمة أسهمت في تأسيس الدولة الإسلامية، وبناء الحضارة الإسلامية، وشاركت في الحياة العامة في مختلف المجالات بما فيها الجانب الحربي القتالي.

خامسًا: جعلهم عقوبة الزوجة الناشز الضرب البدني لفهم خاطئ لمعنى (واضربوهن) في آية النشوز التي تعني المباعدة والمفارقة، بينما نجدهم كافأوا الزوج الناشز بتنازل الزوجة عن بعض حقوقها كحق المبيت، أو حق النفقة، أو جزء منها لإرضائه!.

فأين التوازن في الحقوق بين الزوجين؟

وهل يدخل هذا ضمن المعاشرة بالمعروف؟

للأسف هذا الخلل والظلم قرّر معدو هذا المنهج تدريسه لأولادنا وبناتنا على أنّهما يمثلان نظام الأسرة في الإسلام!

ما رد وزارة التعليم؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store