Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حليمة مظفر

لُغز الرقم (7).. هل هُو رقمٌ « كَوني»!؟

A A
العقل تماماً مثل البدن؛ دون رياضة مستمرة يكسل ويمرض وتُسرع إليه الشيخوخة؛ لهذا يحتاج إلى رياضة من نوع خاص؛ ربما الفلسفة في أبسط صورها وأعمق أفعالها متمثلة في»التأمل» الذي لا يستقيم «التفكير» إلا به، ليصل العقل في توليد الأسئلة إلى إدراك المعنى الذي لا تمام للفهم دون وجوده، فكلما تأملنا كلما اتسعت عقولنا، ونضجت أرواحنا، وتواضعت أنفسنا؛ واستقام وعينا بحجمنا الطبيعي في هذا التركيب الكوني الإلهي العظيم؛ وعن نفسي أمارسها بين حين وآخر بطرح الأسئلة التي في أحيان كثيرة تكون ساذجة حد التفاهة، خاصة ما حوله الروتين إلى هامش.

مثلاً: لماذا الماء الذي نشربه لا لون له ولا طعم ولا رائحة!؟، لماذا الهواء لا نراه!؟، هل طعم البرتقال مختلف عن اليوسفي!؟، لماذا جُعل الشعور بـ»الألم» ونتمنى الحياة دونه؟!..إلخ؟!، جميعها تقبع في هامشنا، وحين تتأملها تفكيراً تشعر مع اكتشاف إجابتها بمعنى معجزة «الماء» الذي جعل الله منه كل شيء حياً، ولو كان له لون أو طعم أو رائحة لكان كل شيء في الوجود أصبح على لونه وطعمه ورائحته، لقوله:{يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}، ثم ندرك قيمة الهواء غير مرئياً في عملية فيزيائية مُعقدة لولاها كنّا في حالة ارتباك مع كل نفس لمشاهدتنا ما يحمله من الميكروبات وجزئيات الغازات المختلفة إلى أجسادنا؛ فتختار منه»الرئتان» الأكسجين في عملية تنفسية أكثر تعقيداً؛ وتطرد ثاني أكسيد الكربون وبقية الغازات والميكروبات مع الزفير دون أن نشعر بهذا التعقيد، كذلك نعمة»التذوق» وشعورك باللذة مع كل طعم جديد يبعدك عن الملل؛ فيما يبقى «الألم» الشعور الكريه حاجة ضرورية كي نستمر في الحياة كسبب للنجاة يحذرنا من خطر حصل لأجسادنا!!.

وكثيرة الأسئلة التأملية؛ تكبر وتصغر بحجم اتساع العقل الكوني والمعرفي الذي نملكه؛ حول الأشياء والمعاني وحتى الأرقام أيضا؛ مثلاً ما يثيره الرقم (7) مُحير فعلاً؟! عجز في معرفة سرّه كثيرون بسبب اقترانه بالأديان والعلوم وحياتنا؛ وحين تبحث حوله تجد آراء واجتهادات متفاوتة لم تصل لشيء، أتذكر أني كتبت عنه منذ سنوات؛ ولا ضير من إعادة تأمله!!

فهذا الرقم له وجود في الحضارات والأديان؛ في الإسلام واليهودية والمسيحية؛ مثلاً أسماء الكتب المقدسة (القرآن، الفرقان، التوراة، الإنجيل) لو عددت حروف كل كلمة ستجدها سبعة أحرف؛ وشهادة التوحيد سبع كلمات (لا إله إلا الله محمد رسول الله )، فيما خلق الله تعالى الكون في ستة أيام واستوى على العرش في اليوم السابع؛ وجعل السموات سبعاً؛ وحين نسجد في الصلاة فسُجودنا على سبعة مواضع؛ وتكبيرة العيدين سبع تكبيرات، وفي شعيرة الحج والعمرة فإن الطواف سبع، والسعي سبع؛ ويُرجم الشيطان بسبع من الحصى، وقد نزل القرآن الكريم على سبعة أحرف؛ وأم الكتاب (سورة الفاتحة) تتكون من سبع آيات.

وفي القرآن الكريم مواضع عديدة يتردد فيها الرقم 7؛ ففي سورة الحجر:»وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ»، وفي قصة يوسف عليه السلام:»وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ»؛ وفي سورة البقرة قوله:»مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ»، ولجهنم سبعة أبواب:»لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ»، أيضاً مضاعفات الرقم سبعة كما في سورة الحاقة:» ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ» وغيرها من الآيات الكريمة.

وفي حياتنا وفي العلوم متوفر ومتكرر، أيام الأسبوع سبعة؛ وألوان الطيف سبعة؛ والقارات في العالم سبع، والجنين لا يكتمل نموه إلا في الشهر السابع، والمعادن الرئيسة سبعة أنواع، فيما هناك سبعة مستويات مدارية للإلكترون الذي هو أصغر ما توصل إليه العلماء؛ وبالنسبة لنا كسعوديين لا ننسى بئر الدمام رقم (7) الذي بشرنا بضخ البترول بكميات تجارية، وعند أهل الرياضيات رقم 7 فردي لا يقبل القسمة إلا على نفسه.

إننا نكتشف أن رقم 7 كما قال الدكتور مصطفى محمود:«لغز يثير التفكير والتأمل» خاصة وأن له سيرة حياة تاريخية طويلة منذ عهد العقل الخرافي في الحضارات القديمة؛ لكن مما لا شك فيه أنه رقم له دور كبير في التركيب الكوني الإلهي المعُجز، فالله تعالى خالق كل شيء؛ ومعجزة الكون تتجلى في دقة إبداع خلقه فهو القائل في محكم التنزيل:{وخلق كُلَّ شيْءٍ فَقَدَّرَهُ تقْدِيرًا}.

وأخيرا؛ ومع أهمية التفكير فإن»التعلم من دون تفكير جهد ضائع، والتفكير من دون تعلم أمر خطير» كما يقول الفيلسوف الصيني (كونفوشيوس).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store