Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

هل تحيي كورونا قيمة التسامح وتجعلها زهرة في القلب؟!

إضاءة

A A
يبدو أن العالم لم يقتنع بعد أنه في محنة كبرى!، يبدو أن البشر لم يشعروا بعد أنهم في خطر!، حصيلة عام الكورونا 2020 تؤكد ذلك بوضوح شديد!.. لا تسامح ولا تصالح، ولا تأمل ولا حكمة ولا عظة!، الدول تهتز بشدة أمام بعضها، والأفراد يتساقطون كأوراق الشجر، ومازال العرض مستمراً!

اسأل عن وقت أي زعيم من الدول الكبرى بما فيها تلك المصابة بل المكلومة، وبمن فيهم المصابون بالفيروس والذين نجوا منه، عن الوقت المخصص في إدارته للمواجهة الفاعلة، مقارنة بالوقت المخصص للحروب أو الصراع!، ستكتشف أنه حتى الآن لا يصدق أن الداء يمكن أن يهدد البشرية كلها بالفناء!.

وسل الفرد الذي أصيب والذي لم يصب عما اذا كان بالفعل مقتنعاً بأنه يمكن أن يأتي اليوم الذي لم يبقَ له منه إلا وقفة بين يدي الله كوقفة الثاكل، المفجوع أم لا! سل أصحاب المال عما إذا كانوا واثقين من دوام الحال، وما إذا كانوا يصدقون أن صروحهم الشاهقة يمكن أن تنهار، وأنهم قد يسألون الله أن يعيدها إليهم فلا يستجاب لهم أم لا!

تأمل المحتفين بالعام الجديد حول العالم، وسلهم عن الميادين التي كانوا ينعمون أو يبتهجون بالرقص فيها، واليوم لا ذاهب إليها ولا عائد، ولا سائح يهفو إليها ولا رائح!

توقف معي عند مفهوم التسامح حيث الاصطبار والعفو والمغفرة، وعد به الى جذوره، حيث الأصل "سمح" الذي يعني في مكنوناته التحمل والمعاناة والصبر والتكبد!

احسب معي عدد المؤسسات والمنتديات العالمية التي ترفع شعار التسامح، والجوائز المخصصة في هذا المجال، فضلاً عن القصص والقصائد التي تتحدث عنه باعتباره أيقونة أو وردة في عرى القلب، وتابع النتائج والمفرزات على المستوى الدولي وستخرج صفر اليدين!.

ألا يرتبط التسامح في الغرب المسيحي بفضائل الإحسان والحب والقبول بالآخر، وألم ينقل عن المسيح عيسى بن مريم قوله "أحبوا أعداءكم"؟. تأمل تاريخ أوروبا وأمريكا وستكتشف كم أهدرت هذه القيمة، مخلفة حروباً طويلة امتدت لعشرات بل مئات الأعوام، ناهيك عما يحدث الآن!.

ولماذا نتحدث عن الآخرين، ولا نتحدث عن ذواتنا! أليس التسامح عندنا من أسمى الصفات التي أمرنا بها الخالق، وحثنا عليها رسوله الكريم؟!، ألم يدعُنا سيد البشر أن نتسامح عند المقدرة، وأن نتجاوز ونترفع أحياناً عن أخطاء الآخرين، ووضع الأعذار لهم؟

هل اقتنعنا بعد وأثناء كورونا أن الحياة قصيرة وتمضي بسرعة، ومن ثم لا داعي أبداً لأن نحمل الكُره والحقد والبغض في نفوسنا المتعبة أصلاً؟!، أليس الابتسام في وجه إخوتنا صدقة؟!، أليس مجرد الإحساس برائحة وردة أو زهرة ذات صباح نعمة؟!.. أم أننا فقدنا حاسة الذوق والشم حتى من قبل كوفيد 19؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store