Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

قصّتي مع روشتّات الدواء..!!

A A
كاتبكم لديه هواية غريبة، تضرُّ أكثر ممّا تنفع، وتُتْعِب أكثر ممّا تُرِيح، وتُشْقِي أكثر ممّا تُسْعِد، وهي قراءة روشتّات الدواء، سواءً التي تأتي معه مطبوعةً داخل عُلَبِه، أو تلك التي تُكتُب على مُلصقات على قواريره المصنوعة من الزجاج أو البلاستيك، وأظلّ أقرأها من «أ» إلى «ي» إذا كانت مكتوبة باللغة العربية، ومن «A» إلى «Z» إذا كانت مكتوبة باللغة الإنجليزية.

وكأيِّن من طبيب حذّرني من قراءتها بعد أن يكتشف أنّ حالة مرضية من الوسواس القهري تُصيبني بعد قراءة الآثار الجانبية للدواء في الروشتّات وأتخيّل حصول الآثار فعلاً، وهذا ما عانيْتُ منه كثيراً، ومع ذلك لم أترك هذه الهواية التي لا أتمنّى أن يهواها عدوّ فضلاً عن صديق أو حبيب!.

وكم حَمِدْتُ الله عزّ وجلّ بعد أن صارت شركات الأدوية تكتب روشتّات الدواء بخطّ صغير جداً لا يراه بوضوح إلّا الذي كانت درجةُ نظره ٦ على ٦ أو أفضل من ذلك، فما بالكم بشيخٍ قد عجزت حتّى نظّارة قراءته الطبيّة عن قراءة مثل هذا الخطّ الصغير، وأظنّ المجاهر الإلكترونية هي الوحيدة القادرة على قراءته!.

وهكذا ظللْتُ بُرْهةً من الزمان في دَعَة وراحة، أتعاطى الدواء دون قراءة روشتّته، وأحياناً أرمي روشتّته في حاوية النفايات غير مأسوف عليها، حتّى جاءني شيطانُ الوسواس بفكرة عبقرية تُمكّنني من قراءة الروشتّات بسهولة للغاية، وكأنّني فتى صحيح الجسم في مقتبل عمره ومنّ الله عليه ببصرٍ حديديٍ يكشف عنه غطاء كلّ مكتوب، وهي تصوير الروشتّات بكامير الهاتف الجوّال ثمّ تكبير الصورة كيفما أشاء لأقرأها كما أقرأ الخرائط الهندسية المطبوعة في لوحات كبيرة تُعلّق على جدران المكاتب بدون نظّارات ومن مسافات تبلغ عدّة أمتار!.

وهكذا عادت حليمة لعادتها القديمة، وجاء العريس الذي هو أنا ليفرح بالإقلاع عن هوايته المُزعِجة فما لقى مطرح، وعاد لمزاولة الهواية بعد انقطاع، وأظنّ شيطان الوسواس يستلقي على ظهره الآن من الضحك عليّ، فما العمل؟ أرشدوني يا رعاكم الله، وأجاركم من شرّ روشتّات الدواء ولا أحوجكم له من الأصل والأساس!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store