Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

الحنين لأرشيف الصور قبل كورونا!

A A
في السابق كنا نحنُّ لأرشيف الصور، خاصة الأبيض والأسود منها، في السفر، ومع توالي سنوات العمر! الآن بتنا نحنُّ لكل صورة التقطناها قبل كورونا ولو بأيام!

والحاصل أن صورة العالم تغيرت، وأن مظاهر البهجة والفرح تبدلت ولا أقول انعدمت، وأن مباريات الكرة باتت بلا طعم ولا رائحة!

في الصور القديمة زمان مع الأهل والأحباء والزملاء والأصدقاء، كانت المشاهد تنطق بالحميمية والود، والذكريات الجميلة والأحلام الأجمل في كل الأركان!

الطفل الواقف على السور صار طبيباً، والبنت التي تجلس على الأرض أصبحت مهندسة، والشاب الذي يمسك بجريدة «بالمقلوب» بات محرراً وصديقه الذي يلهو بطائرة ورقية صار طياراً، وذلك الذي يمسك بقارب بلاستيكي صار قبطاناً.. وتمضي الحياة!.

وفي الصورة، كما في اللوحة الفنية أو في القصيدة الشعرية، يبدو الإنسان المصور أو الشاعر أو الفنان أكثر بهجة وحرية، محاكيا ًمن يصوره، أو يرسمه، أو يكتب عنه.. إنه الإحساس بطعم الفرح والحياة المتجددة، والحرص على صفاء ونقاء القلب، فضلاً عن التواصل الإنساني على مدى الأجيال!.

ثم كان ما كان، وجاءت كورونا بكل ما فيها من سخف ومن غطرسة ومن تجبر على المكان والإنسان، لتجعلنا نحنُّ الى صورنا قبلها.. المكان والزمان، حيث كانت الأرض نقية والسماء صافية والشمس محفزة للركض في عشب الأمل وخضرة الحياة!

بالأمس فقط، أخرج صديقي عاشق الفن الشيخ طلال زاهد، صوراً التقطناها في حقلنا الجميل، حين ارتدى ثوبه الفلاحي، وجلسنا وسط غيطان البرسيم والفول.. وحين اقترح على أخي الأكبر أن نعيش اليوم وكأننا «أنفار!» وحين رفض عرض العمدة بلال، بتسلم العمدية طيلة تواجده بالرملة! ورغم أن الصورة لم يمض عليها عامان، فقد انطلقت آهة من صدورنا، ونحن نتمني عودة المشهد كله الى ما كان، وما كنا عليه!.

في السابق كنا «نتفرج» على الصورة بأعيننا، والآن بتنا نقرؤها بعقلنا.. نمضي سريعاً على ما هو حسي وخيالي، ونتوقف طويلاً أمام ما هو جوهري وموضوعي! والموضوع باختصار أنه آن الأوان، لكي نسعى كلنا لتحسين وتجميل صورتنا أكثر وأكثر، ليس فقط أمام الناس، وليس فقط أمام أنفسنا، وليس فقط أمام المصور الفوتغرافي أو الرسام التشكيلي، وإنما أمام المصور الأعظم، فسبحان من بيده الأمر وله الكمال والدوام!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store