Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

في المطار: «ودَّعنا» المرض، «واستقبلنا» العافية

A A
جيش من الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات والمنظمين والمنظمات تبلغ أعدادهم العشرات دون أية مبالغات، مهمتهم أن يستقبلوا المراجعين ممن لديهم مواعيد لتلقي الجرعة الأولى من لقاح كورونا، وينهوا إجراءاتهم بدقة بالغة وسرعة قياسية وتنظيم لا تجاريه أكثر الدول تقدماً، منذ اللحظة الأولى لوصول سيارات المراجعين إلى مواقف السيارات، حتى دخولهم لقاعة التطعيم، وانتهاء بمغادرتهم برعاية الله وحفظه آمنين مطمئنين فرحين مستبشرين. وتحدث كل تلك الإجراءات في جو مفعم بالحب والاحترام والتقدير والابتسامات والترحاب وكأن المرء في داره وليس في مرفق صحي، فهؤلاء الشبان والشابات المهذبون والمهذبات لا يفتؤون يدعون لكل مراجع بالشفاء والعافية: «بالسلامة إن شاء الله»، «لا أراكم الله مكروهاً»، «بالصحة والعافية إن شاء الله»، بدءاً بحراس الأمن في المواقف والمداخل ومروراً بموظفي التسجيل وموزعي الأرقام والموجهين إلى أسرّة أو غرف المراجعين، كل في الموقع المحدد له، وانتهاء بإعطاء اللقاح بيسر وسهولة بأيدي ممارسين وممارسات من ذوي التأهيل العالي، ومن ثم التوجيه الى ردهة الاستراحة لربع ساعة للاطمئنان على صحة كل من تلقَّى اللقاح قبل أن يغادر الموقع بسلاسة وانسيابية تامة من باب آخر هو باب الخروج، وفي ردهة الاستراحة يقدَّم للمراجع الماء البارد والعصير ويمر عليه بعض الممارسين للاطمئنان على صحته وراحته حتى يغادر. وكل هذا يتم أيضاً في ظل إجراءات احترازية عالية من الحفاظ على التباعد ولبس الكمامات.

هذا ما يحصل هذه الأيام في صالة الوصول في مبنى مطار الملك عبدالعزيز القديم لسكان جدة ومدن أخرى، وتحولت الى خلية نحل تعمل ليل نهار لتغطية أكبر عدد ممكن من أصحاب المواعيد حسب التسلسل الذي وضعته وزارة الصحة بمهارة واحترافية لتفادي الزحام وتحقيق الهدف من عدم حرمان أي مواطن أو مقيم أو حتى مخالف لأنظمة الإقامة من تلقي اللقاح مجاناً ودون أي تكاليف وعلى أعلى المستويات العالمية بكل المقاييس.

وقد أحسنت وزارة الصحة بتخيُّر هذا المكان المحبب إلى نفوس الجميع، فما من أحد إلا له ذكريات سعيدة في هذا المطار العريق على مدى عشرات السنين، وكما كنا نستقبل ونودع فيه على مدى عقود مضت، ها نحن اليوم نودع فيه المرض بإذن الله ونستقبل فيه العافية بإذن الله. وإن كان الشيء بالشيء يذكر، فلا بد من أن نقارن حالنا بأحوال دول أخرى كي نحمد الله على نعمائه، ولنقدر كل هذه الخدمات غير العادية التي توفرها الدولة ممثلة بوزارة الصحة التي تفوق كل ما تقدمه دول أخرى غنية أو فقيرة، وبعد أن عشت هذه التجربة الرائعة أنا وزوجتي ولله الحمد، تلقيت مقطعاً تأكدت من صحته من ابنتي المقيمة في أمريكا مفاده ان العشرات من كبار السن أقاموا معسكراً طوال الليل خارج مجمع FORT MYERS STARS في فلوريدا للاحتفال بحصولهم على أرقام في طابور طويل جداً لتلقي لقاح كورونا. والمقطع مصحوب بفيديو يثير الشفقة يظهر العشرات وربما المئات من المسنين والمقعدين والمعاقين وهم يصطفون في مسافة قد تصل إلى ميل أو ميلين طوال الليل كي يدركوا دورهم في أخذ اللقاح في أجواء شديدة البرودة، وفلوريدا كما علمت تعيش أقسى فترات البرد والصقيع هذه الأيام رغم أنها معروفة بأنها ولاية الشمس المشرقة. هذا ما يحدث في أكثر دول العالم تقدماً كما تُعرف، بمقابل ما يحدث عندنا من الراحة والدعة والطمأنينة.

وبعد، أوجه النداء من خلال هذا المنبر الإعلامي الوطني لكل المواطنين والمقيمين في المملكة أن لا يترددوا أبداً في التسجيل لأخذ اللقاح وأن لا يلتفتوا للدعاية المغرضة والأكاذيب المضللة حول أضرار اللقاح، وهذه الدعوة عن تجربة شخصية رائعة عشناها في مطار الملك عبد العزيز القديم بجدة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store