Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

وزارة الثقافة وتحدِّي معرض الكتاب

A A
تدلف إلى أحد الأسواق (حديثةً-شعبيةً)، أو إلى متنزه عام، أو إلى مناسبة زواج، أو حتى إلى جرَّة فول، فتجد الناس زرافات وقد غص بهم المكان، ولا تفصل بينهم فواصل كبيرة، ومعظمهم لم يأخذ من الاحتياطات الوقائية إلا كمامة تتدلى تحت ذقنة، وتكون قابلة لاعتلاء أنفه في أي لحظةِ خطرٍ تَلوح له، صحيةً كانت أو عقابيةً. تساوقًا مع حالة السماح بمثل هذه التجمعات وِفق الاشتراطات، ومع تدني مؤشر الإصابات بفايروس كورونا، ومع وصول لقاح فايزر وبدء تلقيه من قِبل المواطنِين والمقيمِين، فإن التساؤل الذي يرتسم بكل وضوح هو عن معرض الرياض الدولي للكتاب، وعن فُرَص إقامته هذا العام (٢٠٢١م)، خصوصًا وقد تم تأجيله العام الماضي أسوة ببقية الفعاليات في أنحاء كوكب الأرض، وليس في المملكة وحدها. يأتي هذا التساؤل بناء على حالة الصمت من وزارة الثقافة وهي المعنية بمعرض الرياض الدولي للكتاب؛ فحتى كتابة هذا المقال لم أقرأ لها -على حد اطلاعي- ما يشي بإقامته أو تأجيله. إقامةُ معرض الكتاب هذا العام له مبرراته، يأتي في مقدمتها نجاحاته الباهرة خلال عَقد ونصف مضى، وعدد دور النشر، وكثافة مرتاديه، والقوة الشرائية التي جعلته في صدارة معارض الكتاب العربية. يضاف إلى ذلك أن المعرض أصبح له مظلة جديدة هي وزارة الثقافة، وقد رأينا منها العام الماضي مبادرات نوعية قبل إقامة المعرض كانت تبشر بأن المعرض سيكون مختلفًا في كل شيء، ولكن كورونا كان لها رأي آخر. من المبررات أيضًا أن معارضَ كتابٍ أُقيمت في ظل هذه الظروف؛ فعربيًّا أُقيم معرض الشارقة للكتاب وشهد نجاحًا لافتًا، وأقيم كذلك معرض بغداد، ومحليًّا يُختتم غدًا معرض المخواة الأول للكتاب بمنطقة الباحة، وكلها مرَّت بسلام، ولا أظن معرض الرياض -حال إقامته- إلا سيحقق -بإذن الله- نجاحًا، وينتهي بسلام على القائمين عليه ومرتاديه، خصوصًا وهو يملك كل عناصر السلامة وأدوات النجاح مقارنة بغيره من المعارض. ويمكن أن يضاف إلى ذلك أن مرتادي المعرض هم الفئة الأكثر وعيًا التي تحرص أكثر من غيرها على الالتزام بالإجراءات الاحترازية خلال وجودها في المعرض، ثم إن مدة إقامة المعرض لا تتجاوز عشرة أيام في أجواء صحية على العكس من التجمعات التي ذُكرت في مُفتَتح المقال؛ حيث يأخذ بعضها صفة الاستمرارية وبعضها صفة التكرار. عليه ووفق المبررات السالف ذكرها فالمأمول من وزارة الثقافة أن تعزم أمرها وتقرر التحدِّي؛ فتبدأ بالتحضير لإقامة معرض الرياض الدولي للكتاب؛ حتى يعود للكتاب وهجه، وتعود للرياض أيامها الثقافية الباذخة، ويحظى المتسابقون بجوائز المعرض في مجالات التأليف والنشر وغيرها، وهنا يأتي سؤال عن مصير أعمال المتسابقِين في معرض العام الماضي الذي تم تأجيله، هل سيُكتفى بها لمعرض هذا العام حال إقامته، أم أنها ستتشارك والأعمال المقدمة لمعرض هذا العام؟ ويرتسم سؤالٌ ثانٍ عن مصير معرض جدة الدولي للكتاب الذي تخطى توقيته هذا العام وتقضَّتْ سنواته الخمس التجريبية، هل ستتولاه وزارة الثقافة مستقبَلاً؟ وهل سيعاود نشاطه العام القادم خصوصًا وأن قُبَّة جدة (جدة سوبر دوم) البديعة (شكلاً ومضمونًا) أوشكت على الاكتمال لتحتضنه وغيره من المناسبات الوطنية والثقافية وتُنهي معاناته مع المقر وهي المعاناة التي كتبتُ عنها هنا قبل خمس سنوات تحت عنوان (معرض جدة للكتاب وصداع المقر)؟ ثم يرتسم سؤال أخير عن الأندية الأدبية وعن توقيت (ساعة الوصل) بين وزارة الثقافة وبينها، وعن حالة استمرائها للفعاليات الافتراضية؛ إذ المأمول منها أن تلتفت -في ظل حالة الانفراج مع كورونا- إلى الفعاليات الواقعية، ولو من باب المناصفة على الأقل، بعيدًا عن المقارنة بين إيجابيات الواقعي والافتراضي وسلبياتهما؟.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store