Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

هل تذهب ريح أمريكا؟

A A
في ظل الأحداث شديدة الغرابة التي يشهدها العالم كله اليوم، وتشهدها أمريكا على وجه الخصوص، نستحضر قول الله تعالى: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم». وهذا الخطاب والنهي الإلهي ليس موجهاً للمسلمين وحدهم بل إلى خلق الله كافة، فمتى دبَّت النزاعات في أمة آذنت بذهاب ريحها، أي زوالها ومحقها، كما في الوعيد الرباني الذي لا شك في وقوعه.

هذا ما نستحضره اليوم حين نرى هذا الشقاق والانقسام وتفرُّق الصفوف بين الحزبين الأكبر في الدولة الأعظم كما تُسمَّى: أمريكا، نراه لأول مرة بهذه الحِدَّة والغلظة بل والهمجية، فمحاولة اقتحام مبنى الكونجرس لم تحدث في التاريخ، إلا في أفلام الخيال العلمي أو غيره من الخيال في هوليود، ورأينا خلال عقود أفلاماً تصوِّر اقتحامات للكونجرس وللبيت الأبيض، وبعضها صوّر تدمير البيت الأبيض بالكامل، ولكن كل هذه الأفلام أو معظمها كان التدمير فيها على أيدي أعداء لأمريكا كالكوريين الشماليين أو الروس أو الصينيين أو «العرب» في بعض الأحيان، ولكنَّ أياً منها لم يجرؤ على تخيُّل أن الاقتحام أو التدمير كان بأيدٍ أمريكية، لذا أقول بتجرد تام بوصفي مطلعاً على السياسة الأمريكية والتاريخ الأمريكي لأربعين عاماً على الأقل: إن ما حدث ليلة الأربعاء 6/1/2021م في مبنى الكونجرس والبيت الأبيض حقيقة أغرب من الخيال بكثير. ولوهلة وقبل أن أتبين أن الحشود الغفيرة كانت أمام البيت الأبيض، ظننت أن ذلك حدث في بلد أفريقي أو جنوب أمريكي، من البلدان التي يطلق عليها اسم الدول المتخلفة، فليس مألوفاً أن يحرِّض رئيس خسر الانتخابات أعوانه وأنصاره على التظاهر والشغب ومخالفة كل القوانين والأعراف إلا في الدول المتهمة بعدم مراعاة أسس الديمقراطية.

وليس متصوراً أبداً أن يحدث في أمريكا ما حدث تحت أي طائلة، وهي الرافعة الأولى لشعارات الديمقراطية في العالم.

وفي ظل هذه الانشقاقات الأمريكية نجد مؤشرات ومبشرات في محيطنا الخليجي تشي برأب الصدع وتجاوز الخلافات وتوحيد الصف وطي صفحة الماضي واستشراف المستقبل المشرق عملاً بمضمون آية أخرى: «إنما المؤمنون إخوة فأصلِحوا بين أخويكم».

هذه مؤشرات ومبشرات قمة «العلا» «العليَّة» بتوصياتها وبيانها الختامي ومخرجاتها الكبيرة التي لم تسبِق إليها قمة خليجية، وهي تؤذن وتشي بازدهار ونجاح وتنمية ودعة واستقرار.

بقي أن نقول: إن رأب الصدع في محيطنا الخليجي قائم على صلات الدم والدين والقُربى، وهو ما تفتقده الأوساط الغربية عموماً والأمريكية خصوصاً، فأي من هذه الصلات ليس موجوداً على المستوى الشعبي والمستوى الرسمي، لذا فإن أي شقاق يحصل لديهم ينذر بالثبور وعظائم الأمور.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store